حرب أهلية في المدرسة؟





في قاعة الدرس، يوم 24 دجنبر 2012 كان الأستاذ يكتب في السبورة، فهاجمه تلميذ من الخلف بسلاح ابيض... طعنه عدة مرات. سقط الأستاذ أرضا وهرب التلميذ. كان الحدث صدمة وقد زار رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية الأستاذ الجريح لأنه يقطن في ضواحي العاصمة. يوم ثاني يناير 2013 قُتل تلميذ على يد زميله في مؤسسة للتكوين المهني بمدينة سلا. وقد تعرض الضحية للضرب بمفك براغي، سقط أرضا، حصل له نزيف في المخ مما تسبب في وفاته.


يوم 10 يناير 2013 تعرضت مَدرسة قروية للتخريب والسرقة مرتين في أقل من شهر، تم السطو على أربعة حواسيب وجرى إتلاف وثائق إدارية. وفي نفس اليوم، وبالمغرب العميق دائما اقتحم مجموعة من الآباء والتلاميذ و"بعض الغرباء" فضاء إحدى الثانويات لمعاقبة أستاذ اتّهم بالتحرش بتلميذة. وقد اتصل مدير الثانوية برجال الدرك فحضروا حينا لحماية سلامة الأستاذ والأملاك العامة بالمؤسسة التعليمية. بعد أربعة أيام اعتقل الاستاذ وحكم فورا بثلاثة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ.


لاحقا جرى جدل حول حضور الدرك للثانوية. ولا يعرف سبب ذاك الحكم القضائي الغريب. هل هناك مخالفة أم حكم صوري لتخفيض التوتر. وفي جميع الحالات تبقى السلامة البدنية للمدرس مهددة لأن المشكل جرى في منطقة ذات نزعة قبلية شديدة. وبالتالي يمكن لأي كان أن يكلف نفسه بالقصاص للشرف...


يوم 17 بناير 2013 تعرضت معلمة تعمل في منطقة جبلية وغابوية للاغتصاب من طرف شخصين مجهولين. وقد صرحت المعلمة في المستشفى أن المنطقة لا تعرف نقلا عموميا منظما بل يسودها نقل سري وقد طلبت من صاحب سيارة مارة توصيلها للمدرسة فدخل بها الغابة...


خلف تواتر الحوادث استنتاجا بأن المدرسة المغربية تعيش حربا أهلية. خفضت التعاليق والصحف من حالات العنف الأولى بدعوى أنها صادرة عن قاصرين، عن مراهقين. لكن التنديد كان قويا في حالات العنف الصادرة عن راشدين. وقد خلق ذلك تضامنا آليا بين العاملين في التعليم. وفي كل واقعة أصدرت الوزارة الوصية على القطاع بلاغا.


جرى نقاش لتوضيح من أين جاء هذا العنف وإلى أين يمضي؟
يتنقل التلميذ بين ثلاث فضاءات رئيسية: البيت. الشارع والمدرسة. يفترض أن تُحدث المؤسسة التعليمية تحولا سلوكيا وثقافيا في حياة التلاميذ. ينتظر أن تفعل ذلك لوحدها وهذا وهم. يبدو أن الشارع انتصر على الأسرة والمدرسة. ولتخفيف هذه الخلاصة شكر الكثيرون الله لأنه لا توجد لدينا بندقية لكل مواطن كما في أمريكا. وإلا لكان نصف الشعب قتل.
إذن نحن بخير.
من يستطيع التعامل بكفاءة مع الشارع؟
أثار استنجاد المدير بالدرك لحماية الثانوية الدهشة. يفكر الكثيرون في تعيين شرطي في كل مؤسسة تعليمية، لكن هذه آراء تقال في الدردشات الثنائية ولا أحد يملك شجاعة المطالبة بها علنا. وهذا حل وهمي آخر. لأن الحل البوليسي يجد عراقيل للتعامل مع قاصر ومراهق يبحث عن البطولة لجلب الأنظار إليه بأي ثمن... ثم إن السجون المغربية تستضيف ضعف طاقتها الاستيعابية.


بقي توجيه الاتهام لآباء وأولياء التلاميذ بدعوى أنهم لا يراقبون أبناءهم بما فيه الكفاية. آخر واقعة وقفت عليها جرت في ثانوية بها أكثر من 1000 تلميذ. دعت الإدارة بمعية لجنة تحضيرية لعقد جمع عام لتأسيس مكتب لجمعية آباء وأولياء التلاميذ فلم يحضر إلا أقل من 100 أب.


والأخطر أن إدارة الثانوية دعت أولياء التلاميذ للقاء مع الأساتذة يوم 19 يناير بهدف معرفة نتائج الدورة الدراسية الأولى وإجراء حوار بين ولي كل تلميذ وأساتذته. هنا أيضا لم يحضر 850 ولي أمر. وجُل التلاميذ الذين حضروا رفقة آبائهم أو أمهاتهم كانوا من المتفوقين. بينما تخلف آباء الكسلاء والمشاغبين.


كيف لمن لم يهتم بالنتيجة الدراسية أن يهتم بسلوك ابنه؟ واضح تخلي الآباء عن دورهم. صار انشغالهم بكسب الرزق أهم من توجيه أبنائهم ومراقبتهم.
عززت تلك الوقائع وهذه الخلاصة من روح التضامن بين العاملين بالتعليم، لكن واقعة جديدة خربت تلك الروح. فزوال الإثنين 14 يناير 2013، وبمدرسة ابتدائية، قتل معلم زميله بعد أن وجه له طعنات قاتلة بواسطة سكين على مستوى القلب.

محمد بنعزيز


تعليقات

المشاركات الشائعة