هل انتهى «عام العسل» بين النقابات ووزارة الوف



بعد إضراب النقابتين الوطنيتين للتعليم.. نقابات تهدّد بوقفات احتجاجية وتدعو إلى التنسيق الجماعي




يسجل المتتبعون للشأن التعليمي، والنقابي بالتحديد، ارتفاع حدّة اللهجة التي بات يتحدّث بها مسؤولون نقابيون وهيئات نقابية تجاه وزارة التربية الوطنية، فبعد «شبه هدنة» -إن صحّ القول- بين وزارة الوفا وبعض النقابات التعليمية، التي فضّلت عدم الدخول من البداية في صدام مباشر مع الوزارة قبيل تنصيب الوزير الجديد على رأس إحدى وزارات الحكومة الحارقة، وبررت موقفها منذ البداية بمنحها الوزير الجديد المهلة الكافية لاكتشاف القطاع والاطلاع على الملفات، وفضلت متابعة بعض الاحتجاجات التي كانت تنظم هنا وهناك عبر بعض الأقاليم والجهات، دون أن تتخذ تلك النقابات مواقف وطنيا، ما عدا خطوة الإضراب الأخير، الذي كانت قد دعت إليه النقابتان الوطنيتان للتعليم، المنضويتان تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل، بتاريخ 12 فبراير المنصرم، وهي الخطوة التي فسّرها معارضون بالموقف السياسي، فيما دافع الداعون إليها بقوة عن موقفهم الداعي إلى إصلاح المنظومة التعليمية ككل. كما أصدرت نقابات أخرى بلاغات أشبهَ بالبلاغات التوضيحية والمسارعة إلى تبرئة ذاتها من الاصطفاف إلى جانب الحكومة أو الوزارة، وهي بلاغات أكدت عبرها تلك النقابات -غير ما مرة- مساندتها كافة المبادرات الإصلاحية في القطاع، مع تلويحها بعدم خذلان نساء ورجال التعليم والبقاء على العهد في الدفاع عن قضاياهم المشروعة التي ما زالت عالقة.

   لكنْ ومباشرة بعد انعقاد هياكلها التقريرية (اللجن الإدارية أو المجالس الوطنية).. لاحظ الجميع أنّ لهجة بعض النقابات التي كانت قد فضلت تلقي ضربات قواعدها المتتالية، بدأت حدتها ترتفع، خاصة مع استمرار الضغط من بعض التنسيقيات التي تعتبر أن ملفاتها آنية ولا تحتمل الانتظار أكثر، كفئة حملة الماستر وحاملي الإجازة والمبرزين والدكاترة،إضافة إلى تسجيل تأخر الوزارة في الحسم في ملف تعويضات العالم القروي، وعدم تجاوبها بشكل واضح مع مطلب الالتزام بتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل المعروف، واستمرار الوزارة في تجاهل مطلب التراجع عن مذكرة الزمن المدرسي، والتهديدات بالاقتطاع من أجور المضربين والتأخر الواضح في الإعلان عن ملامح النظام الأساسي الجديد لنساء ورجال التعليم وتحاشي الحديث عن الدرجة الجديدة،وبطء عمل اللجن الموضوعاتية...

 فباستحضارنا الموقفَ الذي اتخذته مؤخرا الأجهزة المقرّرة، الجامعة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والذي سينطلق حسب تصريحات مسؤوليها وبيان لجنتها الإدارية، بتنفيذ وقفات احتجاجية جهويا أمام الأكاديميات، موحدة في الزمان (الأربعاء 3 أبريل 2013) ابتداء من الساعة الثانية عشرة زوالا، وكذا التهديد بالاستمرار في رفع إيقاع الاحتجاج على وزارة التربية الوطنية بشكل تدريجي، وباستحضار الموقف الصادر عن المجلس الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وكذا تلويحها بإمكانية تنفيذ اعتصامات للممسؤولين النقابيين كمرحلة أولى، ثم الدعوة إلى إضراب وطنيّ أو مسيرة وطنية إن اقتضى الأمر ذلك.. هي كلها مؤشرات تفيد أنّ الأجهزة الوطنية للنقابات التعليمية لم تعد تستطيع الاستمرار في امتصاص غضب نساء ورجال التعليم أكثر، ولن تصبر على عدم تجاوب الوزارة مع الملفات المطروحة على الطاولة، ولن تخسر قواعدها ومصداقيتها، التي تعد رأسمالها الأساسي للبقاء «حية»، لاسيما أنّ انتخابات اللجن الثنائية متساوية الأعضاء تلوح في الأفق، وليس للنقابات ما تنقله إلى هيأة التعليم من مستجدات، ما عدا تسقيف سنوات الترقي ومنع الأساتذة من الاشتغال في المدارس الخاصة واستمرار حالات الاعتداء على نساء ورجال التعليم وكذا المؤسسات التعليمية، وعدد من البلاغات والمذكرات التي تتوعد نساء ورجال التعليم حول «التسيب» و»الغياب»، وتحميلهم كامل المسؤولية في تدهور مستوى التعليم، والفضح «الممنهج» لعدد الشهادات الطبية التي أدلى بها نساء ورجال التعليم (واحتسبت حتى رخص الولادة ورخص العمليات الجراحية).. ونشر لوائح الغشاشين في الباكالوريا، ونشر لوائح المُستغلـّين للسكن الوظيفي والتزام الوزارة بمواعد قارة لاجتياز وإعلان نتائج الامتحانات المهنية...

 إن تعبير عدد من النقابات عن مدّ يدها أو رغبتها في التنسيق الجماعي ووضع القبعات السياسية والخلفيات جانبا، في أفق التنسيق الجماعيّ من أجل مصلحة نساء ورجال التعليم، هو مطلب بات أساسيا لدى غالبية نساء ورجال التعليم كذلك، والذين بدأ العديد منهم يَدْعون إلى وحدة الصف من أجل الدفاع عن قضاياهم العادلة بدل تشتتها و»تفرق دمها» بين التنسيقيات والعصب والسكرتاريات... كما «ملـّوا» من سماع أخبار لقاءات جولات الحوار القطاعي، التي لا تخرج، في الغالب، بنتائج ملموسة، اللهم بعض التطمينات، فقد آن الأوان لعقد جولة حاسمة لوضع النقط على الحروف والحسم في عدد من القضايا التي ما زالت عالقة وتوضيح الرؤية بخصوص مواقف كل من الوزارة والنقابات التعليمية حول مسألة الإضراب وقانون النقابات خدمة للمنظومة التعليمية.

رضوان الحسني



تعليقات

المشاركات الشائعة