لمقدم: لا وجود لمجالس تدبير حقيقية داخل المؤسسات التعليمية



المفتش بأكاديمية الجهة الشرقية قال إن هناك اختصاصات يجب تخويلها لمجلس التدبير حتى يلعب دوره الريادي








اعتبر محمد لمقدم، مفتش المصالح المالية بأكاديمية الجهة الشرقية، أن مجالس التدبير، التي يفترض أن تكون من أهم مجالس المؤسسات التعليمية، تتأرجح طرق تدبيرها حسب أهواء مسؤوليها.اعتبارا لأنها ليست سوى شكلية صورية، ويسودها توافق داخل المؤسسة.


وقال المتحدث نفسه، في حواره ، « نتحدث عن الإسهام في التقويم الدوري للأداء التربوي، فأين هي الآلية التي تعطي الحق للمجلس، بهدف النظر في الأداء التربوي داخل المؤسسة».


ولم يخف مفتش المصالح المادية والمالية بأكاديمية الجهة الشرقية أن هناك عدة نماذج من المجالس، مشيرا إلى أن هناك اختلافا في وجهات النظر، ليتساءل حول الصلاحيات المخولة لهذه المجالس، إن كانت تتمتع ببعضها أصلا، وحول سبب بقائها مجالس صورية فقط.


- هل من إشكال بخصوص مجال التربية والتكوين ببلادنا؟


كلنا يعلم أن معضلة التربية والتكوين في الكثير من قضايا المنظومة مرتبطة بالتطبيق والمتابعة. فقد تجد نصوصا توازي ما يوجد من تشريعات لدى الدول الراقية، لكن شتان بين منظورهم ومنظورنا وبين صدقهم وصدقنا، وبين التزامهم والتزامنا.


وعندما تجد مسؤولين من أعلى مستوى يقولون ما لا يفعلون. فماذا تنتظر ممن هم أقل مستوى ومسؤولية من مستوى مسؤوليتهم؟. فكم من مذكرة صدرت وبقيت حبرا على ورق؟ وكم من مذكرة صدرت ثم تراجع مصدروها لتغير مصدرهم.


- وما هو واقع حال مجالس التدبير؟


مجالس التدبير التي تعتبر من أهم مجالس المؤسسة تتأرجح طرق تدبيرها. فقد تجد مجالس شكلية صورية، نظرا للتوافق التام داخل المؤسسة، من أجل التوافق فقط. وقد تجد مجالس شبه منعدمة لعدم انعقادها، بل يكتفي أصحابها بالتوقيع على محاضر معدة من طرف إدارة المؤسسة بحجة ثقتهم العمياء في إدارة المؤسسة، ولكون التدبير يسير بشكل عاد ومنتظم حسب نظرتهم.


وقد تجد مجالس نارية مضطربة نظرا لوجود تيارات ونزاعات تجعل رئيس المؤسسة لا يحركها إلا للضرورة، لعلمه اليقين بأن اجتماعها لن يكلفه سوى صراعات قد لا تحمد عقباها. مثلما قد تجد أيضا مجالس نائمة/مستيقظة: نائمة عندما تكون الأحوال تدبر حسب الحال، ومستيقظة عندما تعتزم فتح ملف أو الدفاع عن قضية أو الوقوف على خلل أو المطالبة بحقوق. كما قد تجد مجالس حية حيوية لكنها مقيدة بقلة الإمكانيات وقلة التتبع وقلة العناية وقلة الاعتبار وقلة المسؤولية من طرف الغير، وهكذا دواليك. وقد تجد مجالس تحاول التدخل في كل شيء، ولكن في غياب المسؤولية والمعرفة بحدود اختصاصاتها، مما يوقعها في أخذ ورد وقيل وقال وكثرة السؤال .


- هل هذا الواقع يضعها في خانة هذه المجالس الشكلية والصورية وفاقدة الصلاحيات؟


هناك عدة نماذج من المجالس وهناك اختلاف في وجهات النظر وهناك نظريات ومستويات. لكن ماذا تملك هذه المجالس من صلاحيات؟ وهل تتمتع فعلا ببعض الصلاحيات؟ ولماذا بقيت صورية شكلية؟ أم أنها رمانة ألقيت داخل مؤسساتنا التعليمية لذر الرماد في العيون، لا أقل ولا أكثر.


- ألم يحدد الميثاق الوطني للتربية والتكوين اختصاصات هذه المجالس؟


إن الكثير من اختصاصات مجالس التدبير في المجال التربوي بقيت داخل كتيب الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والذي أصابه التلف والإهمال، منها على سبيل المثال، ومن خلال الدعامة الخامسة عشرة المتعلقة بإقرار اللامركزية واللا تمركز تنص المادة 149 على أنه: يسير كل مؤسسة «مدير ومجلس للتدبير»، والتسيير يعني إشراك مجلس التدبير في التدبير الفعلي للمؤسسة، من خلال منحه صلاحيات تساهم في تحمله مسؤوليات اقتراحية واسعة .


ولعل المادة 149 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين تشير إلى المساعدة وإبداء الرأي في برمجة أنشطة المؤسسة ومواقيت الدراسة.


ورغم أن العبارات التي وردت في هذا النص غير دقيقة وتجعل مهمة المجلس منحصرة في إبداء الرأي وتقديم مقترحات، في حين كان لزاما اعتماد مصطلحات تقوي دور المجلس في هذا المجال. ومع ذلك يبقى هذا النص بعيد المنال في ظل غياب التواصل وغياب التآزر واليقظة والمسؤولية والتحفيز، وغياب الكثير.


- أين يكمن عجز هذه المجالس في تفعيل دورها والقيام بمهامها المنوطة بها؟


نتحدث عن الإسهام في التقويم الدوري للأداء التربوي، فأين هي الآلية التي تعطي الحق للمجلس، بهدف النظر في الأداء التربوي داخل المؤسسة. ولنفرض وعلى سبيل المجاز ملاحظة أعضاء المجلس لظاهرة الاكتظاظ وما تسببه من تكدس وتراجع في النتائج الدراسية. فماذا عساهم يفعلون؟ أو لنفرض ملاحظة أعضاء المجلس لظاهرة تضخيم النقط من البعض وما تسببه من عدم تكافؤ الفرص. فماذا يملكون من صلاحيات في هذا المجال؟ ولنفرض غياب أي أنشطة بالمؤسسة نظرا لغياب قاعة للعروض. فأين سيتجهون؟.. ولنفرض ملاحظة أعضاء المجلس ظاهرة الانقطاع المبكر لوجود عناصر تشجع على ذلك. فمن سيخاطبون؟.. مجالس التدبير التي تعتبر من أهم مجالس المؤسسة تتأرجح طرق تدبيرها حسب الحال والأحوال. فقد تجد مجالس شكلية صورية، نظرا للتوافق التام داخل المؤسسة، هناك مثلا ظاهرة دخول الأجانب خلال فترات الاستراحة للمؤسسات التعليمية. فماذا يملكون من حق في هذا المجال؟ ولنفرض كذلك ملاحظة أعضاء المجلس لتكاسل البعض في القيام بواجبه. فمن سيخاطبون؟ وبأي صفة يتحدثون؟ ولنفرض ملاحظة أعضاء المجلس لظاهرة العنف داخل المؤسسة. فماذا يخولهم القانون في هذا المجال ؟ ولنفرض.. ولنفرض..... فماذا عساهم يفعلون؟


وتنص المادة نفسها على دور المجلس في المساعدة وإبداء الرأي في برمجة أنشطة المؤسسة ومواقيت الدراسة واستعمالات الزمن وتوزيع مهام المدرسين.


ألا يعني هذا تداخلا في المهام بين اختصاصات المجلس التربوي ومجلس التدبير؟ ثم ألم يكن من الأفضل ترك مجلس التدبير كرقيب وحكم ومتتبع ومصادق على برنامج يضعه المجلس التربوي؟ بدل هذا الخلط. وعن أي مواقيت للدراسة يتحدثون؟


إذا كانت هناك نصوص تنظيمية ترتب هذا المجال وتضع أسسا لتطبيقه، فماذا نعني بتوزيع المهام على المدرسين؟ ألسنا بصدد تخطيط غير واقعي.


- وماذا تنتظرون كمسؤول تربوي وإداري، من أجل تفعيل دور هذه المجالس؟


هناك اختصاصات يمكن تخويلها لمجلس التدبير حتى يلعب دوره الريادي في بناء منظومة تربوية على قاعدة صلبة متينة، ركائزها إسمنتية وأعمدتها حديدية.



عبد القادر كترة 



تعليقات

المشاركات الشائعة