جدلية السياسي والنقابي






أثار المؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل والمنعقد بمراكش أيام 22-23-24 من فبراير الماضي، نقاشات وقراءات متعددة استقرت في معظمها حول ضرورة استحضار البعد الوحدوي للمرجعية اليسارية وهو معطى تاريخي لا يمكن تجاوزه في صيرورة التحليل والتركيب. محطات المؤتمر حضر فيها السياسي بكل قوة سواء على مستوى الجلسة الافتتاحية أو عبر ورشات المؤتمر ونقاشاته الهامشية.


إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وفي مداخلته الافتتاحية ، استحضر العمق التاريخي للفعل النقابي بالمغرب ودوره في معركة الاستقلال والبناء, مشيدا في ذات الوقت بتجربة حكومة التناوب والتي استجابت لمطالب العديد من مكونات المشهد النقابي ببلادنا معبرا في ذات الوقت عن النكوص الحالي في التعامل الحكومي مع المطالب العادلة للأسرة التعليمية مستشهدا بالتملص الحكومي من تنفيذ التزاماته الخاصة باتفاق 26 ابريل 2011 وبشكل مباشر ما تم الاتفاق عليه حول إحداث وتعميم الدرجة الجديدة. لشكر تطرق أيضا إلى حيثيات التعامل مع الدستور الجديد والبطء الكبير في تنزيل القوانين التنظيمية المؤطرة له, مستشهدا ببعض مظاهر الاستخفاف بمضامينه عبر نموذج وزارة العدل واستهدافها للحريات العامة من خلال قمع التظاهرات النقابية السلمية ,مشددا على أن الاتحاد الاشتراكي سيواصل التصدي لكل الانحرافات السياسية التي تستهدف الجسم النقابي بالمغرب مستدلا بالقمع الممنهج الذي تتعرض له النقابة الوطنية للعدل العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل, متحدثا عن الخرق السافر لمقتضيات الدستور الجديد حول اللجوء إلى المسطرة غير القانونية للاقتطاع في غياب النص القانوني المنظم للإضراب .


عبد العزيز ايوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم, العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل والذي أعيد انتخابه خلال هذا المؤتمر، وجه من خلال كلمته الافتتاحية رسائل مشفرة وأخرى واضحة بحمولات سياسية ربط خلالها بين تدهور القطاع وغياب التوجه السياسي العام الذي يمكنه أن يحدد المسار الآني والمستقبلي لمنظومة التربية والتعليم ببلادنا ,مستدلا في هذا السياق بالفشل الذر يع للمخطط الاستعجالي الذي افتقد وضعه إلى المقاربة التشاركية ومحاولة الاستخفاف بالوضع الاجتماعي للأسرة التعليمية, مستعرضا في ذات الوقت الأدوار الطلائعية التي لعبتها النقابات وقوى الصف الديمقراطي في معركة التحرير والبناء والتي تحاول القوى المحافظة الآن الركوب عليها وإفراغها من صيرورتها التاريخية.


ايوي شدد كذلك على أن الوحدة النقابية والدعم السياسي لقوى الصف الديمقراطي هو الكفيل بمواجهة التسيب الذي يعرفه القطاع والكفيل كذلك بصيانة حقوق الأطر التعليمية التي تبذل جهدا متواصلا من اجل دعم القيم النبيلة التي تأسست عليها المدرسة العمومية.


علال بلعربي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تقدم بتحليل سياسي لواقع المنظومة التربوية بالمغرب مستشهدا بالفشل الذر يع للمخطط الاستعجالي والتخبط الوزاري القطاعي والحكومي في إصلاح منظومة التربية والتكوين. بلعربي لم يغفل في تحليله البعد التربوي متأسفا عن التراجعات الخطيرة للفعل التربوي والبيداغوجي في السياسة التعليمية للحكومة الحالية, معتبرا أن الوحدة النقابية هي الوسيلة الأنجع للدفاع عن ثوابت المدرسة المغربية . كما تطرق إلى كرونولوجية الحوار القطاعي والذي لم يسفر لحد الآن عن أية إشارات ايجابية من طرف المسؤول عن القطاع.


جدلية النقابي والسياسي حضرت في جل تدخلات الوفود الوطنية والأجنبية بقوة مشددة على أن أي إصلاح لابد وان يتأسس على المقاربة السياسية التي تؤمن بالحق في الحياة وفي الاختلاف وهي قناعات لابد وان تصرف عبر قناة المدرسة العمومية, مدرسة مفعمة بالحياة ومتجهة نحو المستقبل. قناعات تواجهها الكثير من المخاطر الفكرية والسياسية, خاصة وان انعقاد المؤتمر الوطني العاشر للنقابة خيم عليه الاغتيال السياسي للمناضل الحقوقي التونسي شكري بلعيد وهو اغتيال استهدف الفكر السياسي الحداثي الذي يروم مواجهة الفكر الظلامي المحافظ وضحد أفكاره الغيبية، وكان نفس السيناريو قد تكرس مع شهيد العمل النقابي المغربي عمر بن جلون.


لقد كان المؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم العضو في ف د ش، مناسبة للتأمل والتحليل وطرح مخاوف المستقبل وتحدياته، وكلها مخاوف بددتها عزيمة السياسيين والنقابيين من الصف الديمقراطي الحداثي.




عبد الإله بن التباع





تعليقات

المشاركات الشائعة