الحركة الانتقالية في ظل البرنام، والبهرجة الوزارية انتهاك لحقوق الشغيلة التعليمية في امتلاك شروط استقرار نفسي واجتماعي






الإحباط لدى الشغيلة التعليمية صار قاعدة مرافقة لكل آخر موسم دراسي، بسبب النتائج البئيسة والمحزنة للحركة الانتقالية، وأمام الاحتقان الشديد الذي يخلفه هذاالإحباط، وتنامي وتيرة الاحتجاجات والصرخات في وجه الشروط المكبلة لهذه العملية، وسيادة الزبونية والموالاة كمعايير معتمدة في مقاربة الملفات، ولأجل تجاوز هذه الاختلالات أصدرت وزارة التربية الوطنية بتاريخ 25 أبريل 2013 المذكرة الإطار الخاصة بالحركات الانتقالية والإدارية لأطر الإدارة وهيئة التدريس تحت رقم 2081ــ 3 ضمنتها ــ ومعها أيضا المذكرات الفرعية الجهوية والإقليمية المفصلة لها ــ مجموعة من المعايير التي أريد منها توفير أقصى شروط الشفافية والنزاهة، وضمان أكبر قدر من تكافؤ الفرص، وتحقيق نسبة مهمة من الأهداف الكبرى التي من أجلها تجري الوزارة هذه العملية الأكبر من نوعها، والتي يشارك فيها أحيانا أزيد من تسعين ألف مدرس ومدرسة حسب البلاغات الرسمية.

وتؤكد ديباجة المذكرة الإطار أن الحركات الانتقالية تندرج ضمن الإستراتيجية العامة لوزارة التربية، واهتمامها الدائم بالحياة الإدارية والاجتماعية لنساء ورجال التعليم، وخصوصا في الجانب المتعلق باستقرارهم النفسي والأسري سعيا إلى توفير مناخ سليم للعملية التربوية وخلق شروط عمل ملائمة ودائمة للعاملين بالقطاع.
وتميزت الحركات الانتقالية للموسم الدراسي 2012 ــ 2013 باعتمادها أسلوب البرنام الاعلاميائي ضمانا لشروط الشفافية والديمقراطية، ولأجل الحد من ظاهرة الزبونية والمحسوبية ونظام الو لاءات، وتجاوزا لما تراكم خلال السنوات السابقة من أخطاء وسلبيات.

ولتفادي أي حيف قد يلحق ببعض المشاركين في هذه العملية، أقرت الوزارة بتشكيل لجان اقليمة وجهوية لفض النزاعات ــ بديلا للجنة المشتركة ــ أسندت إليها مهمة النظر والتداول في الطعون المقدمة من قبل المتضررين، وتصحيح الأخطاء وإنصاف الضحايا.
لكن بالرغم من كل هذا التسويق للمذكرة الاطار، ومحاولة وضعها في صورة الابتكارات الناتجة عن تدبير محكم لقطاع التربية والتكوين، وإرادة صادقة لإحداث تغيير حقيقي وإنصاف الشغيلة التعليمية، وجعلها تحقق حلمها القديم في تغيير مقر العمل، وبالتالي استعادة قوتها ومكانتها من أجل المزيد من المردودية والعطاء، بالرغم من كل هذا التطبيل أتت نتائج الحركات الانتقالية الثلاث مخيبة لآمال شريحة واسعة من رجال ونساء التعليم، ومؤكدة بأن القيود القديمة لا زالت قائمة، وأن الحلم كان وما يزال بعيد المنال.

فبخصوص توقيت الإعلان عن النتائج فقد جاء مخالفا لما أقرته المذكرة، وتأخر كثيرا ليخلف طول الانتظار قلقا ووساوس في نفوس الشغيلة، كما سجل رجال ونساء التعليم ملاحظات هامة حول النتائج الهزيلة، والتي لم تكن منصفة، ولا أتت بجديد لتحسين أوضاعهم بقدر ما كرست الفرق بين العاملين بالقطاع، واتخذت لنفسها صفة الحركة من أجل الالتحاق، وبدت للغالبية وكأنها حركة انتقامية.

وتتضح هزالة النتائج من خلال نسبة تلبية الرغبات التي لم تتجاوز العشرين بالمائة، في سابقة أولى تسجلها وزارة التربية الوطنية في هذه العملية على عهد الوزير الوفا وبرنامه، بحيث استفاد 6708 مشارك ومشاركة من أصل 50938 طلبات الترشيح ــ نسبة هامة منها تم داخل الجهات ــ، وحضيت نسبة الالتحاقات فيها بحصة الأسد حيث حصدت ما يقارب ثلث النتائج بحوالي 2057 مستفيد. زد على ذلك أكبر فضيحة فجرها البرنام حين لم يستجب لطلب واحد بخصوص أساتذة التكنولوجيا الصناعية والتربية الأسرية. 

وما أثار اهتمام الشغيلة التعليمية بعد الإعلان عن النتائج / الصدمة هو التلاعب في المعطيات وإقصاء ذوي الحقوق من خلال ما تم تسجيله من طعون، بحيث نلاحظ أن مؤسسات إحداثية تم إدراج أسمائها في لائحة المؤسسات الموضوعة للتباري لم يلتحق بها أحد، وظلت شاغرة حتى بعد الحركة الجهوية والإقليمية لتكون من نصيب الخريج / ة الجديد / ة ـــ المدرسة الجماعاتية ب: أولاد داوود التابعة لنيابة تاونات نموذجا ــ، كما أن مؤسسات تمت فيها الاستجابة لمن له أقل نقطة مع وجود متبارين لهم ما يفوق من النقط.
وتعددت الاختلالات وكثرت الطعون وجاءت ردود الادارة، والكل في فلك البر نام يسبحون، والمؤكد أن عملية الانتقالات تمت في أسوأ حالاتها وشابتها عيوب منذ تعبئة الطلبات ومسك المعطيات إلى حين الإفراج عن النتائج.

والمثير للسخرية والعجب هو مبررات الوزارة والادارة في الرد على بعض الطعون، فمثلا حين تساوت أستاذتان تتنافسان على مؤسسة بجهة تازة الحسيمة تاونات جرسيف ــ في إطار الحركة الجهوية ــ في النقط والأقدمية، وترتيب الاختيار، تمت الاستجابة لواحدة، فتقدمت الثانية بالطعن، فكان جواب الادارة سخيفا ومحبطا : الادارة استجابت للطلب لأنه سجل قبل طلب الأستاذة الطاعنة، متجاوزة المذكرة الإطار ومتناسية أن جميع الطلبات المقدمة للوزارة لها شرعيتها، وقد تمت تعبئتها داخل الآجال القانونية المحددة من قبل السلطات التربوية، وأن السبق الزمني داخل المهلة المحددة للعملية ليس له أدنى اعتبار.

وكنموذج للضبابية التي تعتري تدبير ملفات الحركات الانتقالية، وتعمق الشكوك في أن البر نام ليس سليما، وأن الأيادي الضالعة في تزوير المعطيات، والتلاعب بالنتائج لا تزال مشتغلة ونشيطة، ما ورد في طعن لأحد الأساتذة العاملين بجهة فاس بولمان الذي تبارى على منصب بمؤسسة إحداثية لم تفتح بعد أبوابها ولم تستقبل التلاميذ ولن يتم الشروع في العمل بها إلا مع انطلاق الموسم 2013 / 2014، فلم تتم الاستجابة لطلبه، وبالمقابل استجابت الوزارة لطلب أستاذة ــ تبارت على نفس المنصب ــ تقل عن صاحب الطعن من حيث عدد النقط، لكن مع ملاحظة أن طلبها تمت تلبيته في إطار التبادل.
مع من تبادلت الأستاذة إذن ؟ هل كانت هناك أشباح محسوبة على المؤسسة حتى قبل أن تنتهي بها الأشغال وتنطلق في تقديم الدروس وأداء أدوارها ؟؟؟؟

إن النتائج التي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية بخصوص الحركات الانتقالية زادت من تكريس مسلسل الاحباطات الذي يعرض أمام نساء ورجال التعليم منذ سنوات خلت، وأكدت ــ للذين تملكهم الابتهاج السلبي بسبب فرقعات الوزير الوفا وشطحات بن كيران ــ أن لا شيء تحقق من وعود الحكومة والوزارة، وأن تخليق الحياة الإدارية كان شعارا تسويقيا لتجاوز لحظات الغضب التي عمت الشارع في مرحلة الاشتعال العربي.
لهذا فالشغيلة التعليمية مدعوة إلى ضرورة تملك فهم حقيقي لما ترتبه الوزارة من أجل تأبيد معاناتها، وما تجتهد في ابتكاره من أساليب تبقي الفساد منتشرا.
ينبغي تجاوز سلبيات الماضي وتحديد آفاق عمل جديدة لمواجهة مسلسل التراجعات الخطير الذي أجهز على المكتسبات وداس الحقوق، ومن أجل الكرامة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ورد الاعتبار للمدرسة العمومية وللعاملين بها.

 { لست مهزوما ما دمت تقاوم }


نموذج لنتائج الحركة الانتقالية ــــ أو بالأحرى الحكرة الانتقامية ــــ المحبطة لرجال ونساء التعليم بنيابة تاونات :


- الابتدائي
طلبات الالتحاق بالزوج 26المستفيد منها 1 
طلبات مزدوجة 12المستفيد منها 0 
طلبات عادية 215 المستفيد منها 9 
المجموع 253 المستفيد منها 10

- الإعدادي
الالتحاق بالزوج 3 المستفيد منها 0 
طلبات مزدوجة 0المستفيد منها 0 
طلبات عادية 46 المستفيد منها 6 
المجموع 49 المستفيد منها 6

- الثانوي التاهيلي
الالتحاق بالزوج 3 المستفيد منها 0
طلبات مزدوجة 0المستفيد منها 0 
طلبات عادية 58 المستفيد منها 1
المجموع 61 المستفيد منها 1

مجموع المشاركين من كل الأسلاك : 363.
المستفيدون منهم : 17.


  محمد أوقري 
الكاتب المحلي للجامعة الوطنية للتعليم فرع تاونات، وعضو اللجنة الإدارية للجامعة.






تعليقات

المشاركات الشائعة