هل سيستمر محمد الوفا في النسخة الثانية من حكومة بنكيران ؟






تثير حالة محمد الوفا، وزير التربية الوطنية الرافض لقرار حزبه القاضي بالاستقالة من حكومة بنكيران، تساؤلات وسط المهتمين عن المصير الذي سينتهي إليه، هل سيستمر في النسخة الثانية من الحكومة في حالة تشكلها، أم أنه سيغادر هذه المرة رغما عنه وفق ملابسات وتبريرات أخرى؟
بعض المهتمين يذهبون أبعد من التساؤل السابق منشغلين بطبيعة التقدير الذي كان الوفا يحمله في اعتباره وهو يرفض قرار شباط بالخروج من الحكومة، وكيف يرى هو نفسه مصيره ومستقبله بعد الطرد الذي تعرض له من قبل لجنة التأديب في حزب الاستقلال.
رسميا، لا شيء صدر عن الوفا بخصوص الموضوع غير لازمته الذي ظل طويلا يرددها، ومفادها أن الملك أو قدر الموت وحدهما يستطيعان إخراجه من الوزارة، وهو الرد الذي لا يرى فيه كثير من المتابعين أكثر من التعبير عن التحدي في وجه شباط، بعدما أطلق أوصافا مهينة أحيانا على شخص الوفا بسبب انحيازه إلى بنكيران.
الوفا بدون حزب في حكومة سياسية أو أريد لها أن تكون سياسية طبقا لأجواء ما بعد الدستور الجديد، لكن مناط السؤال، مع، ذلك ليس هنا بالتحديد، بل في الرقعة التي تحتدم فيها المفاوضات التي يقودها بنكيران باتجاه التجمع الوطني للأحرار الذي يبدو مستعدا لإسعاف الحكومة المتهاوية، إنما بشروط أكبر من أن يتسع لها استعداد بنكيران المثقل بالتزامات سابقة مع حلفائه القدامى من الحركيين والبيبساويين، فأحرى مع وزير غادر زملاؤه الحزبيون وظل وحيدا في الحكومة بلا سند حزبي أو سياسي أو حتى أخلاقي، هنا يحتدم السؤال عن الإمكانات المتاحة، أو بالأحرى السيناريوهات التي قد تكون مشتركة بين الوفا وبنكيران لإخراج سفينة القضية المثيرة من المضيق.
أحد السيناريوهات التي تحظى عند البعض بالريادة والأسبقية تنطلق من كون الوفا، في الحقيقة، غير ممانع من حيث المبدأ في مغادرة الحكومة، إنما يريد أن يكون خروجه عبر بوابة أخرى لا علاقة لها بالرضوخ لحزبه الذي تتحكم فيه إرادة ورغبات شباط، وهو، وفق هذا التقدير، سيحرص رفقة بنكيران على إيجاد مبررات لن تكون غير واقعية في أوانها، مثل أن يتقدم باستقالته الفردية وفق مبررات شخصية أو حتى سياسية، المهم ألا تحيل على رغبة شباط وحزب الاستقلال الذي يتحكم فيه هذا الأخير، ويجد أصحاب هذا السيناريو في طرد الوفا أخيرا من الحزب ورفضه لوساطة بعض القياديين الاستقلاليين، كما في عدم تقدمه لحد الساعة بطعن في قرار توقيفه سواء أمام الحزب أو أمام القضاء المخرج الأول نحو بوابة الخروج من الحكومة، بمعنى أن الوفا سيخرج في النهاية بشخصه فقط، وليس حاملا لصفته الحزبية كما فعل زملاؤه وزراء الاستقلال.
لكن هذا السيناريو ل لا يحظى بالمصداقية عند أطراف أخرى، وهؤلاء يناقضون تماما القول بأن الوفا ينوي الخروج، بل هو متشبث في نظرهم بالبقاء ضمن الحكومة، ولو من دون تغطية حزبية، وبالنسبة لأصحاب هذا السيناريو، فإن الصعوبة الوحيدة التي ستعترض الوفا هي النتائج التي ستؤول إليها مفاوضات بنكيران لإنقاذ حكومته، فإذا لم يشترط أحد مغادرة الوفا عن طريق المطالبة بمنصبه أو الضغط في اتجاه استبعاده شخصيا من أجل توسيع مجال المناورة في توزيع باقي المناصب، فإن استمرار الوفا لن يعترضه عائق آخر، وذلك على أساس أن جميع الاعتبارات الأخرى، التي تجعل من استمراره في الحكومة أمرا غير مقبول ومناقض للأجواء التي بشر بها دستور 2011 لن تكون لها أية سلطة اعتبارية، بما في ذلك الاعتبارات الأخلاقية، خاصة بعدما خرق رئيس الحكومة جميع المبدئيات في هذا النطاق عن طريق سعيه إلى التحالف مع من كان يضعه ضمن أعدائه المبدئيين المناهضين لمشروعه السياسي، بل ولوجوده الحزبي أيضا.
أما السيناريو الثالث، الذي له هو الآخر من يتبناه، فينطلق أساسا من عنصر طالما غيبه الجميع تقريبا، بمن في ذلك بنكيران ومفاوضيه من الطرف الآخر، وهذا العنصر هو منطوق البلاغ الذي أصدره الديوان الملكي عقب قبول الملك لاستقالات وزراء حزب الاستقلال الخمسة، ذلك أن البلاغ لم يتحدث عما يشير إلى إمكانية قيام حكومة ثانية برئاسة عبد الإله بنكيران وهو الخيار الذي يسميه الحركيون وحتى الأحرار في اشتراطاتهم بإعادة الهيكلة الجذرية للحكومة، بل تحدث في معرض طلبه من الوزراء المستقيلين الاستمرار في أداء مهامهم إلى حين تعويض الوزراء المستقيلين، والتعويض لا يشمل طبعا محمد الوفا بحكم عدم استقالته، ومع التعبير عن الدعم والتشجيع لحكومة بنكيران في استكمال إرث الإصلاحات الذي جاء في الخطاب الملكي لعيد العرش من الممكن جدا أن تتقوى حظوظ السيناريو الأخير.
لكن، وبرغم كل شيء، سيبقى السؤال مطروحا، ما الذي طبخه بنكيران والوفا في ما بينهم بخصوص الموضوع كله؟ وهو السؤال الذي سيجيب عنه المستقبل القريب.






تعليقات

المشاركات الشائعة