توقيع محضر الالتحاق إجراء خاص بالموظفين الجدد وهو مجرد استفزازعندما يتعلق الأمر بالقدامى منهم

من المعروف في قانون الوظيفة العمومية أن توقيع محضر الالتحاق يخص تحديدا الموظفين الجدد أو المنتقلين ، وما عدا هؤلاء لا يعنيهم الأمر ، ويستأنفون عملهم بشكل مباشر بعد العطلة السنوية التي هي حق كل موظف منخرط في سلك الوظيفة العمومية . ولما كان الحقل التربوي له خصوصياته فإن الموظفين المنتمين له ومن سوء حظهم لا يتمتعون بالعطلة السنوية متى شاؤوا بل يفرض عليهم شهر غشت فرضا في حين لا يفرض على غيرهم من موظفي القطاعات الأخرى شهر بعينه . 



فالمعلوم أن موظفي قطاع التربية أو ما أصبح يسمى التعليم المدرسي على اختلاف فئاتهم يغادرون في شهر يوليوز ، ويلتحقون في شهر شتنبر مع تمييز أطر التدريس بجزء من شهر يوليوز لوجود المتعلمين في عطلة صيفية . فإذا كان الموظف الجديد مهما كانت فئته والملتحق لأول مرة بقطاع التربية يلزمه توقيع محضر التحاق ، وكذا المنتقل من جهة إلى أخرى ، فلا مبرر لإلزام القدامى من موظفي القطاع على اختلاف فئاتهم بتوقيع هذا المحضر إلا أن يكون ذلك عبارة عن استفزاز لهم لا مبرر له .


ويكفي أن يعرف موظفو هذا القطاع تواريخ حلول عطلتهم السنوية وتواريخ انتهائها لمواصلة أعمالهم دون حاجة إلى توقيع محاضر. ولا أظن أن قطاعا من قطاعات الوظيفة العمومية يعرف رقابة أشد من رقابة قطاع التربية ، ولا انضباطا في أوقات العمل أكثر من انضباط قطاع التربية حيث تحصى الساعات والدقائق بدقة ، وتقرع الأجراس على رأس كل ساعة زمنية ، وهي أجراس لا وجود لها في الوظائف العمومية الأخرى ، وتمر لوائح الغياب على رأس كل ساعة ، وتحرر يوميا تقارير تضبط الغياب الخاصة بالمتعلمين ومن يحتك بهم من موظفي القطاع من مدرسين وإداريين وغيرهم . 


فأمام هذا الرصد الصارم لموظفي القطاع لا تخجل الوزارة الوصية من إلزام موظفي هذا القطاع القدامى بتوقيع محاضر التحاق و محاضر مغادرة علما بأن قطاعات عدة تابعة للوظيفة العمومية لا يلتحق جل موظفيها في المواعيد المحددة بوظائفهم ، ولا يمكن لأحد أن يزعم أن انطلاق العمل في بعض قطاعات الوظيفة العمومية يكون بالدقة الموجودة في قطاع التعليم. إن الناس يقفون يوميا في طوابير طويلة ينتظرون أن يتفضل السادة موظفو بعض القطاعات بالحضور ، ويمر وقت طويل على مواعيد الالتحاق بالعمل دون أن يلتحق هؤلاء السادة بعملهم ، وربما تمادوا في التماطل قبل أن يباشروا أعمالهم وهم كسالى في حين يكون موظفو قطاع التربية أول من يلتحق وهم يطاردون المتعلمين في ساحات المؤسسات وحتى خارجها من أجل إدخالهم إلى الفصول الدراسية في الموعد. ولا يكاد موظف في هذا القطاع يتأخر دقائق معدودات حتى تقوم القيامة في المؤسسات التربوية لأن موظف هذا القطاع خاصة المدرس والإداري لا يعمل في مكتب لا يراه فيه أحد بل يعمل مع مئات المتعلمين الذين لا تغادره أعينهم أبدا .


وعندما أتحدث عن عدم التحاق بعض موظفي قطاعات الوظيفة العمومية في المواعيد بعملهم لا أعمم بل أستثني أصحاب الضمائر الحية وهم موجودون ولله الحمد ، ولا أزكي كل موظفي قطاع التربية ففيهم أيضا من لا ضمائر لهم حتى لا ينعق الناعقون بالتعليقات المجانية التي تقول مقالاتي ما لم أقصده ولم يخطر لي على بال ويكون الدافع إلى هذه التعليقات المجانية قفز لوجود فز .وبالرغم من إجراء توقيع محاضر الالتحاق في قطاع التربية فقد اشتهرت قصص مخزية عندنا في الجهة الشرقية حيث كان بعض المديرين يتستر على عدم الملتحقين بوظائفهم ولمدد طويلة وهم خارج الوطن ، وضبطت هذه الحالات فعوقب بعض هؤلاء بالإعفاء من مهامهم بينما تم غض الطرف عن البعض الآخر وأكثر من ذلك تم تمكينهم من مهام فوق أقدارهم في زمن التسيب الذي يعاني منه قطاع التربية ، وربما طالب هؤلاء الذين أسندت إليهم الأمور في انتظار قيام الساعة موظفي قطاع التربية بتوقيع محاضر الالتحاق من أجل التظاهر بالحرص على الأمانة مع وجود الأدلة الدامغة على الخيانة .


إن من تستر بالأمس على موظف غادر أرض الوطن في وقت عمله ، وزور محاضر التحاقه لا يحق له اليوم أن يتحدث عن محاضر الالتحاق التي أفقدها مصداقيتها وصارت فضيحة ولعنة تلاحقه مهما تنكر لها ، وحديثه عن توقيع محاضر الالتحاق لا يعدو استفزاز أصحاب الضمائر الحية ، والسمعة النظيفة التي لم يعلق بها عار ولا شنار. فعلى الشغيلة التعليمية أن ترفض كل استفزاز من قبيل إلزامها بتوقيع محاضر الدخول والخروج سنويا إلا إذا كان الأمر يتعلق بالتعيينات الجديدة أوالانتقالات ، وألا تقبل من يزايد عليها في الانضباط والمواظبة من الذين يحاولون صنع المجد الزائف والجدية الكاذبة وقد علقت بهم فضائح لا يمكن أن تنسى ، ومن لم يستحي صنع ما شاء وادعى ما شاء وما أقصر حبال الكذب ، وهو كذب لا يزيد صاحبه رجولة كما يقول المثل العامي .








تعليقات

المشاركات الشائعة