تقرير عالمي ينذر بالأسوء في قطاع يمس أزيد من 7 ملايين من أبناء المغاربة
رسخ التقرير العالمي حول الرشوة في قطاع التربية الصادر مؤخرا، الصورةالحالكة التي يعيش على إيقاعها قطاع التربية والتكوين في بلادنا منذ مايربو عن العقدين من الزمن. والذي كان آخر فصول مكافحته تعيين الملك محمد السادس للسيد عمر عزيمان على رأس المجلس الأعلى للتعليم، بعدما حذر في خطابه الأخير من الوضعية المزرية التي يشهدها القطاع، ودعا جميع الفاعلين فيه للعمل بالجدية المطلوبة لإخراجه في النفق المظلم بتفعيل المجلس الذي يخص 7 ملايين من أبناء المغاربة ما يجعله بمثابة القضية الثانية للوطن.
في هذا السياق ، اعتبر عز الدين أقصي عضو الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، ومساهم في إعداد التقرير العالمي هو الرشوة في قطاع التربية أن هذه التقرير جاء ليعرض وضعية الفساد في قطاع التربية ومخاطره وكلفته والصعوبات التي تطرحها محاربته في بلادنا، كما يعرض تجربة دول مختلفة استطاعت بمساهمة المجتمع المدني وإرادة السلطات السياسية، التقدم في هذا الميدان«،
وأضاف أقصبي ، أنه بالنسبة للمغرب، اعتبر المستجوبون في دراسة البارومتر الدولي، أن »قرابة 60 بالمائة من المغاربة يرون أن الرشوة هي في مستوى عالي في قطاع التربية في المغرب، وأكد 16 بالمائة ممن لهم تعامل مباشر مع القطاع أنهم جُعلوا في وضعية أجبرتهم يدفعون »رشاوي«، مشيرا على دفع في هذا الصدد، أن الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة ساهمت في هذا التقرير من خلال »التجربة التي تتوفر عليها مع وزارة التربية الوطنية في إطار شراكة تجمعنا بها منذ سنة 2003، والتي كان فيها حقيقة بعض التقدم مهم من ناحية العمل التكويني، التحسيسي وإنتاج بعض وسائل العمل مع الفاعلين في قطاع التربية«.
وشدد ذات المتحدث ، على ملاقاة عمل فريق إعداد التقرير لعدة صعوبات من بينها »عدم استطاعتنا إدخال هذا العمل »التجريبي« في السياسة العمومية للتربية والتكوين ليصبح عاملا مؤسساتيا في العمل اليومي للمؤسسات في المغرب، هناك أيضا، الجانب الخاص بالصفقات العمومية والتسيير والشفافية فيه ، حيث صادفنا فيه عراقيل كبيرة للتقدم «، معتبرا أن »التقرير سواء حول المغرب أو دول أخرى، وقف على تطور طرق في الإنحراف مثل الغش في الامتحانات والمعاملة بالرشوة وعدة أمور من هذا القبيل، والتي تهدد قطاع التربية والتكوين في المغرب، ولها انعكاسات سلبية على الأجيال الصاعدة التي ستتحمل المسؤولية في مختلف القطاعات الحيوية في البلاد«.
ومما سجله التقرير المنجز سنة 2008 حول الوضعية التربوية في المغرب، »أن القطاع يواجه تحديات هائلة تتعلق بالجانب الأخلاقي والافتقار إلى الحكامة والفساد«، مشيرا في هذا الاتجاه، »أن إدارة الموارد المالية للقطاع تبقى غير شفافة و»الأسوأ«، هو ما سجله المراقبون من ارتفاع واضح في السلوكات اللاأخلاقية في الوسط التربوي، باستفحال العنف وعدم الاحترام تجاه الأساتذة، والاحتيال في المدارس«، كما سلط التقرير الضوء على »الاتجاه الأساتذة نحو الغش منحذرا بالخطر، وهو ما عبر عنه 67 بالمائة من الذي شملهم الاستطلاع المنجز بشراكة مع وزارة التربية الوطنية، بكون الغش لا خلاف عليه بين الطلبة والتلاميذ، و25 بالمائة من المستجوبين أكدوا على قبولهم الغش في المدرسة أو في النظام التعليمي«.
ومن أنواع الرشوة التي رصدها التقرير في قطاع التعليم، تفويت صفقات عمومية لبناء مدارس وهمية، اختلاس الأموال المخصصة لاقتناء الكتب واللوازم المدرسية، دفع رشاوى للولوج للتعليم والحصول على نقط جيدة، المحسوبية في توظيف الأساتذة والأستاذات »الأشباح«، منح شواهد مرونة، السرقة الفكرية، استعمال غير مناسب للموارد المالية المدرسية في أغراض شخصية، الدروس الخصوصية التي تفوض التعليم الرسمي، دفع رشاوى للاستفادة من السكن الجامعي والتأشير الذي تمارسه الطبقات السياسية والمقاولات على البحث العلمي،
وقد عزا التقرير هذه النقاط، إلى استغلال المسؤولين عن توفير الخدمات التعليمية لمناصبهم للاستفادة من الخدمات »الرشوة« بسبب إما عدم كفاية أجورهم، أو غياب الشفافية والمراقبة...، وكذا كون الآباء عادة لا يهمهم سوى توفير أفضل الظروف لتعليم أبنائهم، فضلا عن رصد خلل في آليات المراقبة والإشراف، حيث إنها الأكثر عرضة للرشوة، وقدم تحقيق في هذا المجال يفيد بأن 40 بالمائة من الآباء يدفعون مبالغ غير قانونية.
ليخلص التقرير لعدة توصيات حول الموضوع من أبرزها، حث الوزارة الوصية على أن تكون في الواجهة فيما يتعلق بالقضاء على الرشوة بعدم التسامح معها، وتبني مقاربة مبنية على حقوق الإنسان ترتكز على المشاركة والمساءلة، والشفافية وعدم التمييز، منح النقاشات الجارية حول أهداف الألفية، الفرصة لصياغة مؤشرات للحكامة ومحاربة الرشوة من أجل منح التعليم المجاني الجيد للجميع.
وانصبت آراء المتدخلين في الندوة التي نظمتها جمعية ترانسبارنسي المغرب يوم الثلاثاء الماضي بالرباط على كون الرشوة هي أخطبوط يهدد جميع المؤسسات، وأهم المداخل والآليات التي اعتُمد في رصد مظاهر الرشوة في قطاع التعليم الخصوصي والعمومي لمعرفة مدى مصداقيتها، وكونها تتخذ عدة أشكال في العلاقة بين المتمدرس والمدرس، الإشارة إلى وجود فوارق بين الأنظمة التربوية على اعتبار غياب الاستقلالية في المؤسسات التعليمية المغربية وانعدام اللامركزية بشكل مطلق، تفعيل دور مجالس المؤسسة، ضرورة إشراك القضاء في محاربة الفساد في القطاع.
تعليقات
إرسال تعليق