أوقفوا تعنيف الأستاذ



يعيش القطاع التعليمي هذه الأيام علي إيقاع احتجاجات عارمة للأساتذة المقصيين من الترقية بالشهادة (الإجازة والماستر)،وكما يشاهد كل المتتبعين للشأن الداخلي بالمغرب ومنذ ما يقرب الشهر والأساتذة حاملي الماستر والإجازة يخوضون معركة نضالية حامية الوطيس ،وفي صمود أسطوري أبهر كل المتتبعين ،حيث زلزل السادة الأساتذة والحرائر الأستاذات شوارع الرباط بأشكال نضالية منظمة وواعية وتتسم بحسن التنظيم .ولتنوير الرأي العام الوطني حول هذه المسألة تجدر الإشارة إلي أن الأفواج التي سبقتنا كلها تمت ترقيتها بناء علي الشهادة العلمية المحصل عليها بواسطة مرسوم استثنائي سنة 2011،وكذلك وابتداء من السنة الماضية فكل الخريجين الجدد من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين كلهم أدمجوا في السلم العاشر بناء علي شهادة الإجازة وفي كل الأسلاك التعليمية سواء الابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي ،لنستثني نحن فوجي 2011و2012 من الإدماج في السلم العاشر رغم كوننا حاصلين علي شهادة الإجازة ككل الذين سبقونا وتمت ترقيتهم والذين جاؤوا بعدنا،وللإجهاز علي حقنا في الترقي سارعت الوزارة إلي إصدار مرسوم المباراة كسبيل وحيد للترقية وبمباركة من النقابات التي كان من المفروض أن تدافع عنا لا أن تقف ضدنا للأسف ،هذا المرسوم الذي اعتبره السادة الأساتذة المقصيين من الترقية جريمة نكراء ارتكبت في حقهم وفي تحد سافر لبنود الدستور الذي ينص على ضرورة المساواة في الحقوق والواجبات .


وزارة التربية الوطنية لم تقف عند هذا الحد بل تمادت في غيها وتعنتها وخرقها للقانون بل وعوض اللجوء إلي طاولة الحوار وتلبية مطالب المحتجين العادلة والمشروعة لجأت وبكل خسة وجبن ونذالة إلي لغة الوعيد وتهديد الأساتذة بالعزل من مناصبهم وتوزيع الاستفسارات والانقطاع عن العمل وهي بكل هذا تخرق القانون وكل ما ينص عليه الدستور المغربي ،إذ كيف يمكن للوزارة اعتبار الأساتذة منقطعين عن العمل ،وهم يمارسون حقهم الدستوري في الإضراب والاحتجاج السلمي ،طبقا للفصل 29 من دستور 2011 حيث جاء في هذا الفصل"بأن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي ،والحق في الإضراب كلها حريات مضمونة ويكفلها الدستور"،لذلك فالوزارة هنا هي من يخرق القانون وبنود الدستور وليس السادة الأساتذة الذين يمارسون حقوقهم الدستورية ويطالبون باستعادة حقوقهم المهضومة.


هذا من جهة ،ومن جهة أخري ومما يحز في النفس ويندي له الجبين هو القوة المفرطة والتدخلات الهمجية العنيفة التي تمارسها حكومة بنكيران وتحت إشراف جلاده ووزير داخليته السيد حصاد في حق المتظاهرين العزل السلميين من الأساتذة والأستاذات الحرائر،إذ وكما شاهد الجميع التدخلات القمعية الهمجية الثلاث التي وقعت في حق الأساتذة وما صاحبها من ضرب وركل ورفس وتنكيل وإهانة وكلمات نابية تصدر من أفواه قوي القمع والاستكبار ،كما لم يسلم السادة الأساتذة بل وحتى الأستاذات من جحيم الاعتقالات وتلفيق التهم والمتابعة في حالة سراح وكأن الحكومة الملتحية تريد العودة بنا سنوات إلي الوراء وبالتحديد إلي سنوات الجمر والرصاص ،كل هذا يحدث في حق رجال التعليم وقنواتنا العمومية لم تحرك ساكنا ولم تحمل نفسها عناء تغطية الأحداث واطلاع المواطنين المغاربة عن هول الجرائم التي ترتكب في حق الأساتذة . 

أين هي دولة الحق والقانون يا من تطبلون وتزمرون لها كل يوم صباحا و مساءا في إعلامكم الرديء والمتهالك_لا فرق بين عهد أدانه الجميع وعهد صفق له المتملقون والمستفيدون ،إذ لا زالت العصا توزع بالسخاء المخزني المعهود علي كل من تجرأ وخرج إلي الشوارع والساحات للمطالبة بحقوقه_.

وكان آخر هذه التدخلات العنيفة تدخل يوم 17 دجنبر وأمام قبة البرلمان وعلي مرأى ومسمع من الجميع ،وفي تحد خطير من طرف قوي القمع لمبادئ حقوق الإنسان وكرامة مربي الأجيال وخيرة شباب الأمة_هذه الحقوق التي تدعي الدولة المغربية أنها تحترمها_فكانت الحصيلة أزيد من 60 إصابة بعضها خطيرة جدا ،خصوصا حالة الأستاذة التي أصيبت بالصمم .


-وهنا أقف وقفة تأملية لأقول كلمة في حق هذه الحكومة التي تفرط في استعمال القوة ضد كل من يحتج للمطالبة بحقوقه العادلة والمشروعة،هذه الحكومة التي يقودها حزب إسلامي،هذه الحكومة التي يدعي رئيسها أن مرجعيته إسلامية ،هذا الأخير الذي جاء إلي سدة الحكم محمولا علي أكتاف المغاربة البسطاء الفقراء الذين توسموا فيه الخير وانخدعوا بكلامه عن التغيير و الإصلاح ،لكنه للأسف لما وصل إلي رئاسة الحكومة وعوض أن يغير واقع البلد غير شكله وقص لحيته وقال قولته المشهورة "عفا الله عما سلف"،وتنكر لمطالب كل من انتخبوه،وأصبح كريما وسخيا في توزيع العصا علي كل من تجرأ وطالب بحقه .حتى أن مسألة حقوق الإنسان بالمغرب تراجعت تراجعا خطيرا في عهده وذلك بشهادة كل المتتبعين والمهتمين بالمجال الحقوقي في المغرب.


وفي الأخير لا يسعني إلا أن أقول بأنه لا خير في بلد رجال ونساء التعليم يهانون فيه ويقمعون ويعتقلون وتسيل دماؤهم الطاهرة الزكية أنهارا دون أن يتحرك المسؤولين لوقف هذه المجازر الشنيعة التي ترتكب في حقنا و التي عادت بذاكرتنا إلي سنوات مضت وظننا أنها لن تعود.




                                                                                          سعيد ازنايدي



تعليقات

المشاركات الشائعة