بنكيران يغمض العين على ملفات إفساد أنظمة التقاعد ويرغم المواطنين على دفع الفاتورة الباهظة من مدخراتهم وسنوات راحتهم

التقاعد... سيناريو حماية المفسدين وإنهاك الموظفين 




تقطع حكومة عبد الإله بنكيران، بعد أيام، شريط سنتها الثالثة من ولاية تشارف على نهايتها بعد سنتين، دون أن تقطع الشك باليقين، وتنتهي إلى تنزيل سيناريو متوافق عليه بين الفرقاء الاجتماعيين والمهنيين لإصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس، بعد سنوات من التخريب والفساد والنهب ، أقربها الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يعقد اليوم (الثلاثاء)، مجلسه الإداري في غياب الممثلين الشرعيين للموظفين والمتقاعدين المعنيين أولا وأخيرا بالإصلاح. 

ويشكل هذا الملف واحدا من الاختبارات الأساسية لحكومة العدالة والتنمية للوفاء بوعودها والالتزام ببرنامجها وتعاقداتها مع المواطنين، نظرا لحساسية ملف التقاعد الذي يمس شرائح واسعة من العمال والموظفين، سواء الذين استفادوا من التقاعد، أو الذين ينتظرون ما ستسفر عنه مشاورات ودراسات اللجان التقنية للإصلاح، التي بدأت منذ 2004.

ويبدو أن حكومة عبد الإله بنكيران تميل أكثر إلى الحل الأسهل، الذي يحافظ على توازناتها المالية ويحفظ دم وجهها أمام المؤسسات الدولية المانحة، وهو الحل الذي يسير نحو رفع سن التقاعد بالتدريج إلى أن يصل 65 سنة في أفق 2020، والزيادة في نسبة الاقتطاعات لتصل إلى 28 في المائة (4 في المائة إضافية للموظف ومثلها للمشغل)، بدل 20 في المائة الآن واحتساب التقاعد على أساس راتب عشر سنوات الأخيرة، بدل قاعدة آخر أجر.


هذه المعادلة ليس لها غير معنى واحد، أي دفع العمال والموظفين، دون غيرهم، إلى سد ثقوب الفساد والتخريب والنهب من جيوبهم وأرزاقهم وسنوات راحتهم المستحقة. بصيغة أوضح: إرغامهم على التضحية بخمس سنوات أخرى من عمرهم وضخ مزيد من الأموال لتخفيف العجز المالي عن صناديق لا يتحملون أي مسؤولية في الوضعية الكارثية التي وصلتها.


وصفة بنكيران، التي سيعرضها اليوم (الثلاثاء) على المجلس الإداري للصندوق المهني للتقاعد، تجد أصداء سلبية لدى المركزيات النقابية التي تتهم رئيس الحكومة بممارسة التضليل عليها وإقصائها من جلسات التفاوض والنقاش حول السيناريوهات الأفضل للإصلاح وتقسيم ثمنه على الجميع، بل تتهمه بتجميد عمل اللجنة الوطنية واللجان التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد منذ وصوله إلى الحكومة، والتعامل معها بمقولة «شاورهم ولا تأخذ برأيهم»، بعد أن سحب من قمطره مشروعا من المقرر أن يزيد الأوضاع الاجتماعية تأزما، ويضع «السلم الاجتماعي» الهش على كف عفريت. جزء كبير من النقابات يعتقد أن بنكيران، الذي يتمتع بصلاحيات دستورية وسياسية واسعة أكثر من زملائه السابقين، لم يتوفر على الجرأة الكافية لتحديد مواطن الخلل والفساد في أنظمة التقاعد، ومنها تقاعس الدولة في تأدية انخراطاتها السنوية بالصندوق المغربي للتقاعد، على غرار الموظفين، وتشكيل لجان للتقصي في الاختلاسات والاختلالات التي أوصلت الصناديق الثلاثة إلى الإفلاس، وأخيرا، سن سياسة قارة للتشغيل لرفع وعاء الانخراطات والحفاظ على التوازنات المالية، دون اللجوء إلى وصفة "جيل يؤدي الفاتورة على جيل"، علما أن 25 في المائة من مجموع موظفي الدولة سيحالون على التقاعد بعد خمس سنوات، في مقابل المناصب المالية الضئيلة المخصصة للتشغيل (18 ألف منصب فقط سنة 2014).


الإصلاح السهل، الذي يكون دائما على حساب المواطنين والفقراء والشعب، كان منطقيا أن يدفع فريق بنكيران إلى الحلول الأسهل مثل ما يجري اليوم في ملف التقاعد، عوض الحلول التي تتحمل فيها الدولة مسؤوليتها، كما وقع في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، حين ضخ فتح الله ولعلو، وزير المالية والاقتصاد الأسبق، 11 مليار درهم سنة 2000 لإسعاف الصندوق المغربي للتقاعد وإنقاذه من إفلاس وشيك.


بموازاة هذا العبء المالي، أقرت حكومة اليوسفي إجراءات اجتماعية أخرى مثل الترقية الاستثنائية سنوات 97/98/99، وهو العمل الذي أكمله إدريس جطو "التيقنقراطي" سنوات 2000/2001/2002، ثم عباس الفاسي، حين أقر الزيادة في الحصيص من 22 إلى 33 في المائة، والترقية بالتسقيف 14 سنة في الإطار، ثم زيادة 600 في رواتب الموظفين، وكلها إجراءات كانت تجد صداها في صيرورة إصلاح أنظمة التقاعد.


السؤال اليوم: ما هو العمل "الذكي" الذي قام به بنكيران، أول رئيس حكومة منتخب في ظل دستور بصلاحيات واسعة ويتوفر على 107 برلماني من انتخبهم الشعب ديمقراطيا، لضمان حقوق منتخبيه الذين أوصلوه إلى الحكم؟
خارج العبث...لا شيء يذكر على الإطلاق.
 











تعليقات

المشاركات الشائعة