مقاطعة اللقاءات التشاورية تكتيك قد يزيد من هامشية هيئة التفتيش




 أصدر المكتب الوطني لنقابة مفتشي التعليم  يوم الإثنين 21 أبريل 2014 "بلاغا" يعلن فيه هذا الأخير "للرأي العام و لهيئة التفتيش متأسفا، اضطراره" إلى اتخاذ عدد من "الخطوات"  أهمها  "مقاطعة الاستشارات التي تنوي الوزارة القيام بها جهويا وإقليميا ..." وإذ نبدي تفهما حقيقيا  للحيثيات التي تضمنها البيان، وبالمجمل واقع تهميش هيئة التفتيش ، الذي لا يختلف بشأنه مفتشان، إلا أننا مع ذلك لا نعفي أنفسنا ولا المكتب الوطني  من طرح الأسئلة التالية ، وغيرها كثير:
- ألا يعتبر قرار المكتب الوطني هذا، تنازلا من المفتشين، عن موقع يتيح لهم قيادة الاستشارات الجارية، أو أقله وضع بصمتهم عليه ، وفي الأدنى وضع موقفهم في قلب هذه العملية؟
- ألا يبرر موقف الكرسي الفارغ هذا، سلبية هيئة التفتيش، وعدميتها، إزاء مسألة جوهرية، لحاضر ومستقبل المغرب،  كمسألة الإصلاح التعليمي؟ 
  - مامدى تأثير انسحاب المفتش من هذه الاستشارات، على مضمونها؟ خاصة أن المفتشين، أو بعضهم على الأقل، يملكون "رؤية من خارج المربع" لمجمل الاختلالات وكيفيات التصدي العقلاني لمشكلات بناء وتصريف المناهج والبرامج، وعوائق تنفيذ سياسة وطنية حقيقية في مجال التعليم؟
- ألا يخدم  هذا الموقف في نهاية المطاف، أعداء هيئة التفتيش في المنظومة؟ ومن يرون أن المفتشين هم موظفون عديمو الجدوى، أو متقاعدون بأجرة كاملة؟
- كيف يمكن لهيئة التفتيش ، في ظل هذا الوضع، ربح رهاناتها الخاصة، خاصة رهان الجدوائية والاستقلالية الوظيفية، في ظل التمسك بسياسة المقاطعة والكرسي الفارغ؟
لكن، قبل مقاربة هذه الأسئلة بعجالة، وإبداء الرأي فيها، مجرد الرأي، هل يحق للمكتب الوطني، إصدار قرار يحمل كل هذه الخطورة، في موضوع   بالغ الحساسية، ويهم موقفا وطنيا وتاريخيا، ربما، بالنسبة لجهاز التفتيش، وبالنسبة للتعليم بصفة عامة. قرار توجيهي لأعضاء المجالس الإدارية للأكاديميات، والمكاتب الجهوية والإقليمية، ولمجموع المفتشات والمفتشين. صادر في شكل بلاغ، وهو أقرب إلى بيان توجيهي، يتعين، منطقيا أن يصدر عن هيئة تقريرية، بعد استشارة واسعة.. والحال أن البلاغ/ البيان، لم يشر حتى  إلى مداولات المكتب الوطني، ونحن نشكك، بحسن نية طبعا، إن كان هناك اجتماع للمكتب الوطني في الأصل، لأن البلاغ لم يشر إلى انعقاده. وكل ما عرضه المكتب الوطني من سياقات ليست جديدا يذكر، بل هو أشبه بأسطوانة مكررة، يعاد تدبيجها في عدد من بيانات المكتب الوطني.. تتعلق بالتمثيلية والحق في الحوار لاغير.
نحن نعتقد، أنه ، وعشية المؤتمر الوطني للنقابة، كان من  الأجدر ترك موضوع كهذا، إلى اللحظة الديمقراطية الأعلى في التنظيم النقابي- المؤتمر الوطني، واتخاذ المتعين بشأنها من أعلى هيئة تقريرية على الإطلاق، وفي الحد الأدنى دعوة المجلس الوطني لدورة استثنائية عاجلة.. وإذ لم يتم لا هذا ولا ذاك، نخشى  أن يكون خلف هذا القرار، رغبة في تمريره، في ليل، إن لم يكن "كرداسة للإلهاء" قبيل المؤتمر، لفسح المجال أمام ترتيبات خاصة وغير معلنة. تبعا لذلك وغيره، نعتبر أن المكتب الوطني لم يكن موفقا  لا في لحظة و لا في موضوع بلاغ 21 أبريل2014..
قبل سنوات من اليوم، حينما قرر المفتشون، مقاطعة التفتيشات،  لإرغام الوزارة على أمر ما.. لم يكن على الوزارة سوى إصدار مذكرة جديدة لتنظيم الحركة الانتقالية، لا تتضمن نقطة التفتيش !! وهكذا فقد المفتشون موقعا من مواقعهم، وتكرر الأمر في تفتيش الإدارة وغيره وغيره، إن القرارات التي يتخذها المفتشون- نقابتهم- غالبا ما ساهمت في تقزيم مكانتهم في المنظومة. ونعتبر تبعا لذلك، أن غياب المفتشين عن الاستشارات الحالية، لن يؤثر تأثيرا على سيرها، وأنها ستستمر في هدوء كأن شيئا لم يكن. للأسف هذا هو الواقع، وكان جديرا بأعضاء المكتب الوطني تقييم النتائج المتوقعة من القرار بشكل يرجح كفة المشاركة أو المقاطعة برجحان مصالح الهيئة والمنظومة بصفة عامة.. بمعنى آخر: ما الأفيد بالنسبة لهيئة التفتيش، وللمنظومة التربوية بصفة عامة، هل المشاركة في هذه الاستشارات وقيادتها إن أمكن، نحو استشراف حلول فعلية وقابلة للتطبيق، لأزمة التعليم المتفاقمة هو القرار الصائب؟ أم أن المقاطعة هي الأنجع؟ هل ستؤدي هذه المقاطعة إلى تراجع الوزارة عن موقفها ودعوة المكتب الوطني " للحوار"؟ وماذا لو" ركب الوزير رأسه" وقرر أن يستمر في عناده، ويقاطع المفتشين، ونقابتهم، ويغلق مركز تكوينهم للأبد ..للأبد. ؟ وبصرف النظر عن حسابات الوزير والمكتب الوطني ماذا ستستفيد المنظومة التربوية، والخطوات الاستشارية الحالية من مشاركة المفتشين؟ بل ماذا ستخسر بغيابهم؟ 
إننا إذ ننوه بغيرة المكتب الوطني على هيئة التفتيش، وأهمية تمكينها من الاضطلاع بأدوارها الحقيقية في الارتقاء بالمنظومة التربوية التي تعرف اليوم مرحلة من مراحل الأزمة هي الأشد وطأة، والأكثر مأزقية في تاريخ المغرب الحديث، ويهدد بانفجارات وشيكة... نستميحه عذرا، ونسجل اختلافنا في تقديره للخطوات التكتيكية التي يراها مناسبة للرد على واقع نتفق على وصفه.. إذ نعتقد أن موقع نقابة المفتشين، الطبيعي، كنقابة للأطر، هي التفكير في القضايا الكبرى للبلد وللمنظومة بصفة خاصة، عبر إصدار  تقارير ودراسات، تشرح، بتشديد كسر الراء، واقع المنظومة، وتعري مواطن ضعفها، وتقدم نتائج ملموسة للرأي العام، وتشكل بذلك، قوة اقتراحية، تفرض نفسها، بقوة الأشياء، على المسؤولين وعلى غيرهم.. وتبين للخاص قبل العام، أهمية منظومة التفتيش في المجال التربوي.. نعتقد أن مشروعية  جهاز التفتيش لا يمكن أن تستمد من خارج العمليات والإجراءات والدراسات والأبحاث التي تقدمها لخدمة المنظومة وتصحيح اختلالاتها.  فما رأي المكتب الوطني في تجميع واسثثمار تقارير المفتشين على مستوى منطقة العمل التربوي، وصولا إلى دراسات وطنية في مواضيع محددة، يمكن أن تخصص لها لجن للقراءة والتركيب؟ ومارأيه في عقد ندوات صحفية إقليميا وجهويا لرصد وتحليل بعض الظواهر والحالات التربوية التي يصادفها المفتش كل يوم؟
نعتقد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن التكتيكات المتبعة من طرف نقابة مفتشي التعليم، بعد أكثر من 10 سنوات على تأسيسها، لم تؤد إلى تحسين وضعية المفتش ومكانته في المنظومة إلا بشكل نسبي، وبارتباط بديناميات اجتماعية أخرى اقتضت تحسين الوضعية المادية للمفتش إسوة بغيره من أطر الوزارة . ذلك أن تكتيكات الإضراب  والوقفات الاحتجاجية تناسب أكثر التجمعات الجماهيرية ذات العمق العمالي، أكثر مما تناسب فئة نخبوية لا يتجاوز مجموع أعضائها 3000فرد.
 فما رأي السيدات والسادة المفتشات والمفتشين؟

محمد تيكونسى مفتش تربوي



تعليقات

المشاركات الشائعة