التعليم: “الزلزال الأسود” في المغرب .. هدر 20 مليار يورو






أوقف وزير الداخلية السابق ووزير التعليم الحالي، محمد حصاد تهميش النقابات، وبدأ بمحاورة ست منها في أقل من أسبوع على احتفال الشغيلة بفاتح ماي، لتبريد المناسبة، ومواصلة تهميش الإسلاميين في القطاع، وتعويض المعزولين منهم بالتوافق مع باقي الفرقاء الاجتماعيين، مستثمرا المعركة التي شرع فيها منذ أسابيع من تشكيل حكومة العثماني.

وحضر في الاجتماع مع الوزير، إلى جانب الجامعة الحرة للتعليم والجامعة الوطنية لموظفي التعليم أو النقابة الوطنية للتعليم (كدش) والنقابة الوطنية للتعليم (فدش)، الجامعة الوطنية للتعليم عبر قسميها: التوجه الديمقراطي والاتحاد المغربي للشغل كنقابتين تواجهان رحيل زعيم الاتحاد، الميلودي موخاريق.

وجاء اللقاء تبريدا لهذه الأصوات بعد صراع مستخدمي التعاضدية العامة للتربية الوطنية، مع رئيسها ميلود معصيد، ودخوله منعطفا يكشف سلسلة من الفضائح، إثر تبديد أزيد من 100 مليار سنتيم، وتسارعت فيها الخطوات لوقف تغيير قيادة الاتحاد المغربي للشغل التي اصطفت في الحرب إلى جانب وزارة الداخلية في عهد حصاد ضد حزب العدالة والتنمية وتشكيلة الحكومة.

ويحتاج الوزير حصاد إلى دعم موخاريق في معركة عزل الإسلاميين، من مواقع المسؤولية في قطاع التعليم، وعدم نبش ملفات “هدر المال العام” وإغلاقها، وبداية مسلسل إعادة الثقة، والانكباب على كل ملف على حدة، للوصول إلى “حلول واقعية دون مزايدة أو تسويف أو مماطلة”، وذكرت النقابة ملف الأساتذة المتدربين، وضحايا سلك الإدارة، والمساعدين التقنيين، والأساتذة العرضيين والمبرزين، وغيرها من الملفات دون ذكر ملف المعفيين مؤخرا والمعروفين بانتمائهم لجهات إسلامية، واجتمع الرأي على التصالح مع القطاع وليس إصلاحه فقط، لأن الأسرة التعليمية سئمت من مشاريع الإصلاح، وتعتبرها حقل تجارب، وراغبة في الابتعاد عن أي مقاربة تقنية، والاستناد إلى مقاربة اجتماعية للوصول إلى الأهداف المسطرة من طرف مجلس التعليم الذي يقوده مستشار الملك، عزيمان.

ولا نقابة ناقشت التوصيات الصادرة عن هذه الجهة السيادية، كما لا تناقش القرار الأمني ضد المعفيين من جماعة “العدل والإحسان”، في أكبر صفقة سحبت اليسار الراديكالي (النهج الديمقراطي) من تحالفه مع هذه الجماعة الإسلامية.

ويرغب محمد حصاد في طي ملف “الهدر المالي” في مبلغ إجمالي من 20 مليار يورو منذ سنة 2000، والبدء بخطة جديدة لها طابع أمني لم تتأجل بإبعاد بن كيران، واعترف رئيس الحكومة السابق بتجاوز المكالمة بينه وبين المستشار الملكي النافذ علي الهمة منتصف الليل لتعيين وزير التعليم، ورفض من هو خارج القطاع، وعين رشيد بلمختار، وانتقد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بعد عزله من تشكيل الحكومة، محمد حصاد الذي لم تمض سوى 7 دقائق على تعيينه ليتداول اسمه بالموافقة، كي يواصل مهمة قطع رؤوس تنظيم جماعة “العدل والإحسان” في قطاع التعليم.

ويشكل الدفاع عن مادة التربية الإسلامية في البرنامج التعليمي، حاجة استراتيجية لغالبية الإسلاميين داخل الحكومة وخارج المؤسسات في ظل اختفاء المدرسة العمومية.

“بيزنس عقارات التعليم والمتاجرة بالتربية”

بهذا العنوان علقت جريدة “لوموند”(1) على وضع التعليم في المملكة، بعد ما دعته الصحيفة الفرنسية، اختفاء المدرسة العمومية، لأن مكان مدرسة عمومية جديدة في قلب الدار البيضاء يطلق عليها “ابن عباد” تحول إلى حي جامعي خاص، وأربعة مدارس لقيت نفس المصير بعد أن بيعت لمجموعات عقارية، فلوبي العقار أفسد وزارة التعليم، وجعلها تبيع أراضي المدارس وتدفع أطفال المملكة إلى المجهول، فأكثر من 200 مؤسسة تعليمية أغلقت أبوابها منذ عام 2008، 135 منها في الدار البيضاء والرباط، ودخلت عقاراتها في سوق المضاربة بملايير الدراهم، فيما أرسلت الوزارة أبناء الشعب إلى مدارس قد يصل عدد تلامذة القسم الواحد فيها إلى 70 تلميذا، أي أكثر من أقسام اللاجئين السوريين في مخيم “الزعتري”، ومدارس “الأنروا” في غزة، وفي تعليق للخبير، أدون فالي: فإن “المدرسة المغربية أقل من معايير المدرسة الإفريقية”.

وفي هذا الظرف الحرج، ومقابل إفلاس المدرسة العمومية، فإن التمدرس في المدارس الخاصة مر من 4 في المائة عام 1999 إلى 15 في المائة عام 2015(2)، ووصل في المدن الكبرى بين 70 و80 في المائة، وتضيف الخبيرة، سيلفيان أوبري، في دراسة لها حول التربية في المغرب، أن نسبة 30 إلى 40 في المائة من الأجور الزهيدة يمتصها تمدرس الأبناء، فيما تمنح الدولة 46 مليار درهم (4 ملايير يورو)، أي 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام لمخصصات التعليم العمومي، ويمس سوء التدبير والهدر ما لا يقل عن مليار يورو سنويا، ومنذ سنة 2000، يكون المغرب قد خسر، إلى جانب ميزانية البرنامج الاستعجالي، 20 مليار يورو.

وفي سنة واحدة، دخل 12 ألف أستاذ ضمن الغائبين، إلى جانب تقاعد 6700 أستاذ في مسلسل أفرغ المدرسة العمومية، وأنبت مدارس القطاع الخاص بطريقة فوضوية في الأحياء الشعبية، فزاد منسوب اللامساواة، و”تقدمت المدرسة الخاصة نحو نسبة 25 في المائة عام 2024 من مجموع المدارس المغربية”، حسب توقعات ميثاق التربية والتكوين (2008) والبنك الإفريقي للتنمية.

وتخلى المغرب عن التزاماته القانونية كما أوردت لجنة من خبراء الأمم المتحدة مكلفة بمراقبة تعهدات المملكة تجاه “اتفاقية حقوق الطفل” سنة 2014، فيما أشارت أوبري إلى صعوبة في تكييف المملكة لتجارب أخرى، فتبني الرباط لنموذج دولة التشيلي الخاص بملإ المدارس العمومية المهجورة بمبادرات للخواص، تحول إلى جرائم عقارية، وفوتت الجهات المقررة للوبيات، بناء الشقق والعمارات في أراضي هذه المدارس العمومية، عوض أن تكون حكرا على تجديدها من طرف الخواص لتمدرس الأطفال في “مدارس خاصة”.

واستمرارا لهذا التدهور، طرحت الدولة وقف مجانية التعليم العمومي وأفردت المجانية ما بين 4 سنوات و15 سنة، وهيأت تقديرات مصطنعة مبالغ فيها في السلبية لإنجاح وصولها إلى ضرب مكتسب المجانية.

2005، سنة شاذة، عرفت أرقاما مفبركة لوقف مجانية التعليم

في سنة 2005، فبركت الدولة أرقاما غير مسبوقة لدفع دوائر القرار إلى وقف مجانية التعليم، وفي هذه السنة السوداء، ارتفعت تكاليف التلميذ المغربي في الابتدائي إلى 4600 درهم، فيما سجلت الوزارة قبلها بسنة (2004) 3373 درهما، وبعدها بسنة (2006) 4162 درهما، وفي الإعدادي، بلغت تكاليف التلميذ 6226 درهما، وقبلها بسنة 4936 درهما، وبعدها بسنة 5153 درهما، وعلى الصعيد الثانوي، وصلت التكاليف 8694 درهما فيما سجلت السنة التي قبلها 6820 درهما والسنة التي بعدها 7418 درهما.

ولا يزال لغم إحصائيات 2005 المبالغ فيها، والتي لن تصل إليها أي سنة إلى اليوم، يشكل قمة التلاعب بالأرقام “الرسمية” لتمرير سياسة قطاعية أو أهداف محددة من دوائر القرار التي أدركت مؤخرا، صعوبة إلغاء مجانية التعليم كما تقول مجلة “جون أفريك”(3) ولو أن الأمر يتعلق بخدعة فقط، فالمجانية ألغتها الدولة في قطاع التعليم منذ 40 سنة كما تقول فتيحة داودي في الموقع الإخباري العالمي “الهوف بوست”(4)، وما يجري حاليا هو تصفية ما تبقى من هذه المجانية.

وبنفي المجانية التي اعتمدها الوقف الإسلامي في مسألة التعليم وتحويل التربية إلى “بيزنس” على صعيد البرامج وعقارات المدارس، يكون المغرب قد فصل جزئيا المدرسة عن نظام إمارة المؤمنين، وأضحت المدرسة المغربية “مدرسة عمومية مواطنة” كما جاء في مقررات المجلس الأعلى للتعليم.

وتعزز فصل المدرسة العمومية عن إمارة المؤمنين، مع توسيع الإمارة لتشمل كل الديانات منذ “إعلان مراكش”، وجاءت بعده مراجعة برامج التربية الإسلامية(5) وانتقلت في مرحلة أولى من وزير الأوقاف إلى وزير الداخلية قبل أن ينتقل وزير الداخلية إلى وزارة التعليم لإنجاح هذه الأهداف الموضوعة.

وبخلافة وزير الداخلية حصاد لرشيد بلمختار، تحاول المملكة طمس الصفقات المتعلقة بـ “البرنامج الاستعجالي” والبالغة 3 ملايير درهم، وحماية الوزير السابق اخشيشن من المتابعة القضائية، وقد تسلم رئاسة جهة مراكش عن حزب الأصالة والمعاصرة، وفشل الحزب في هذه الوزارة قبل أن يعوضه الاستقلالي الوفا، والتكنوقراطي بلمختار، وتنتهي في يد رجل الأمن محمد حصاد الذي يمكن أن يكون له دور في معالجة العنف في المدارس، وقد ارتفعت إلى 25 ألف حالة عنف.

الخوف الشديد من خروج ظواهر العنف من المدرسة إلى الشارع وقد وصلت رقما قياسيا بـ 25 ألف حالة سنويا، ساعد في نقل وزير الداخلية محمد حصاد إلى وزارة التربية والتعليم

إن محاربة ظاهرة العنف في المدارس، هاجس يؤرق المسؤولين ويدخل ضمن تجفيف التطرف، فنحن أمام 84 حالة عنف يوميا لتسجيل المملكة 24.665 حالة عنف في المدرسة المغربية من شتنبر 2013 إلى يوليوز 2014، ومنذ إعلان هذه الإحصائية جاء اقتراح رجل أمن على رأس وزارة التربية والتعليم لوقف هذه الظاهرة.

ورفض رئيس الحكومة السابق هذا المبرر، وتمسك بتعيين ابن قطاع التربية والتعليم وزيرا له، ومرت 6 بروفايلات قبل موافقة بن كيران على رشيد بلمختار، وفي آخر سنة افتتحها الأخير، انخفض عدد المدرسين بـ 5.6 في المائة (210.367 في مقابل 222.736 في السنة الماضية)، وارتفع عدد التلاميذ بـ 6.95 في المائة، وارتفعت قاعات الدرس من 146.634 في موسم 2015ـ2016 إلى 164.28 قاعة، دون احتساب قاعات المدارس الخاصة التي تشكل 13 في المائة من المدارس الموجهة للتعليم في المملكة.

ومن المؤكد أن التعليم الخاص أو الأهلي الذي واجه الاستعمار، وكرس التيار الوطني الجذري في مرحلة سابقة وفي فجر الاستقلال، لم يعد إيديولوجيا أو مرجعيا أو أصيلا حسب دراسة حول صناعة “الأنتليجنسيا” أو النخبة المغربية، انطلاقا من مشاكل الشباب والتعليم منذ 1966 إلى نهاية الحرب الباردة 1988.

يقول بيرنار شليمر(6): “بعد المنعرج الإيديولوجي الحاد لإسقاط النظام الذي تزعمه اليسار، ظهر الإصلاح البرغماتي والتشاركي بين القطاع العام والخاص، وظل المغرب لستين سنة يبحث عن “مدرسته” ويؤكد دائما على وجود ما يسميه (الاستثناء المغربي)”، فيما يؤكد الباحثون أن “العصر الذهبي للمدرسة المغربية كان من سنة 1956 إلى المسيرة الخضراء”.

ولم يتمكن التكنوقراط، بعد أكثر من عقد من الزمن على تقرير الخمسينيات، من إطلاق برنامج تعليمي متقدم في المغرب بعد فشل مشروع “كوزيف” عام 1999(7) و”البرنامج الاستعجالي” سنة 2008.

وتشكل النتائج الكمية، السمة الغالبة في التعليم من واقع أن مغربيا واحدا من أصل 100 يصل إلى الباكالوريا بداية الاستقلال، ووصل هذا الرقم مؤخرا إلى النصف، ويبقى سؤال “الجودة” مطروحا، فيما تصارع المملكة لتحقيق نسب وإن كانت كمية، على صعيد مستوى ما قبل التمدرس (الحضانات)، فتمدرس الأطفال ما بين 4 و5 سنوات وصل إلى 67.8 في المائة إلى غاية 2015، فيما سجلت نسبة 59.4 في المائة بين 2007 ـ 2008.

وحسب الإحصائيات الرسمية، فإن 36.1 من البنات دخلن الحضانة وتمدرسن في البادية من أصل 48 في المائة من الأطفال الذكور، وفشلت تربية الجودة على كل الصعد، فيما تباشر النظرة “الكمية” تغطية بعض العجز الحاصل في القطاع وبمستويات قياسية.

وتضاعفت الأمية بالأرقام المجردة بين 1960 و2004، وانتقلت من 6 ملايين إلى 12.8 مليون أشخاص، وإلى بداية التسعينات، لم يكن التمدرس واجبا، لأن التلاميذ شكلوا “ثقلا أمنيا” إثر مشاركتهم في الخروج إلى الشارع، وانتهى دور التلاميذ كفرق “احتياط” في الصراع الاجتماعي لفشل التعريب ومحاولة إفشال “الأسلمة” مع الوزير حصاد، ورفضت الدولة تحالف حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية أو مشاركتهما في حكومة واحدة، كي لا تواجه تحالف التعريب والأسلمة، وتذهب الآن، بعيدا في مأسسة السياسة التربوية(8) رغم فشلها في بنيات التعليم والبنيات الشريكة في التربية، ولم يتمكن المغرب من إطلاق “مدرسة وطنية” ناجحة أو جامعة وطنية، وهيمنت “استراتيجيات فردية تبناها نظام نخبوي” انتهت بسيطرة النخبة الأمنية على هذه المرحلة.

يكتب ريمي بيكاجليو في جريدة “لاكروا” الكاثوليكية: “إن المغرب تراجع عن التربية الدينية(9) وراجع التعليم الإسلامي”، فيما محمد حصاد معول عليه ليؤطر هذا التحول في إطار “النظرة الاستراتيجية لـ 2030″، وجاء في مقدمتها أن “المدرسة في قلب المشروع المجتمعي لبلادنا لبناء دولة ديمقراطية حداثية، دولة الحق والواجب، مدرسة جديدة تنتقل من التلقين الخطي للمعرفة والتذكر إلى منطق التعلم، ونمو حاسة النقد لبناء مشروع الشخصية المتعلمة من خلال امتلاك اللغات والقدرات والقيم بالإضافة إلى التكنولوجيا الرقمية”.

وفي المدرسة الجديدة، يتم تكوين المواطن الصالح، للإجابة عن تطلعات المجتمع المواطن والديمقراطي والتنموي الذي تتبناه الأمة الراغبة في انتقال المغرب من مجتمع يستهلك المعلومة إلى مجتمع منتج لها.

وقد يكون نقل وزير الداخلية إلى وزارة التعليم، إشارة غير دقيقة في تبني “خطة 2030″، والوصول إلى أهدافها بسلاسة، كما أن إعادة التقدير في وضع أمني في وزارة التعليم، ترمي إلى شيء رئيسي: “الحد من انعكاسات معركة تنزيل الأمازيغية بعد إقرار قانون لتفعيل ترسيمها”.

خطوات ترسيم الأمازيغية فرضت تقديرا أمنيا واستراتيجيا جديدا

تجمع تقارير غربية، أن “المسألة في المغرب لا تتعلق بتنزيل خطة 2030 في قطاع التعليم، بقدر ما تتخوف الرباط من خطوات ترسيم الأمازيغية، وقد فرضت تقديرا أمنيا واستراتيجيا جديدا، ومن الغريب أن تسعى بعض مراكز النفوذ إلى إفراغ المؤسسة التعليمية من البعد الديني الإسلامي لموازنة التيار الأمازيغي داخل المؤسسات”.

ولا يمكن التفريط، في نظر هذه التقديرات، في الموازنة الكلاسيكية التي بنى عليها الملك الحسن الثاني استقرار دولته منذ انقلابي السبعينيات.

وفي دفن المغرب للتعريب، تأجيل لترسيم الأمازيغية، لكن هذه الاستراتيجية ناقصة، لأن الشعب المغربي، وفئة الشباب عموما، لا تنظر بعين الارتياح للمركّزين أو المستغلين للمسألة اللغوية، بل وجدت منذ حراك 20 فبراير، جامعا وقاسما واحدا متمثلا في المسألة الديمقراطية.

وطوت المملكة صفحة التعريب التي تعود إلى 30 سنة، وإن لم تصل اللغة العربية إلى القانون الدولي والطب والاقتصاد، لكن هيمنة الفرنسية مجددا، تثمن هذه اللغة في غرب إفريقيا رغم الصعوبات التي يطرحها الوضع التعليمي في المملكة، منذ إدراج اليونيسكو للمغرب في المرتبة 143 من أصل 164 دولة.

الهاجس الأمني المتجدد في إدارة العملية التعليمية، تجاوز لأول مرة، وضع السبعينيات إثر انقلابين عسكريين عرفتهما المملكة

لا يمكن للهاجس الأمني أن يعيد سيناريو “حركة إلى الأمام” مع جماعة “العدل والإحسان”، كما يصعب قبول انعكاسات هذه المقاربة في ظرف يريد فيه المغرب أن يكون على صورة ما سطرته “خطة 2030”.

لا ريب أمام هذه الغايات، من سلوك يؤدي إلى ما يدعوه مجلس عزيمان: “تقوية المغرب في سلم الدول الناهضة ـ وليس الدول النامية ـ وإقرار حل اجتماعي ـ وليس تقني فقط ـ للمسألة التعليمية”، بدأ مع الوزير حصاد في لقائه بالنقابات للوصول إلى هذه الغاية.

ولدى الوزير تجربة في مفاوضة الأحزاب، وتريد دوائر النظام نفس النجاح مع النقابات، فبين أخذ الإدارة دور النقابة، في عهد الوزير الأسبق الوفا، وبين تهميشها في عهد بلمختار، رأى الوزير الحالي مشاركتها، من دون أن تؤثر على الخطوط الاستراتيجية أو العملية، لأنها مسطرة، ولدى الدولة الرغبة في مساعدة النقابات لتنزيل “خطة 2030” بسلاسة وبدون عوائق.

وتجاوز الهاجس الأمني في التعليم، سقف حالة الطوارئ بعد الانقلابين العسكريين في سبعينيات القرن الماضي، وهي إشارة قوية إلى صعوبة خطيرة يعيشها النظام في هذا القطاع، لأن المرحلة لم تعلن إلى الآن، الحرب على التطرف – الإسلامي – بل احتواء الانعكاسات المحتملة لهواجس أخرى، منها التيار الأمازيغي المخترق للدولة ودوائرها، والحد من قوة التيارات، جزء من الحسابات على الأرض.

وهذه الخلاصة الغربية تكشف إلى أي حد تظهر معها رغبة النظام في احتواء الموقف، دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع الإسلاميين أو مباشرة مع الأمازيغيين، ففيما يخوض جولة من الحرب ضد الهوياتيين ـ كانوا إسلاميين أو أمازيغ ـ يحاول استيعاب واحتواء أطراف أخرى في المعادلة.

ولا يختلف رد فعل “الإسلامي” أو “الأمازيغي” الراغب في تعديل قانون ترسيم الأمازيغية، فكلاهما يرفض القطيعة مع النظام أو الصدام المفتوح معه، ويرغب في تعديل موازين القوى.

ويساهم القطاع الخاص الأجنبي في تعزيز قبضة النظام واستراتيجيته على المسألة التعليمية إلى حدود بعيدة، فالتعليم الفرنسي في المغرب يتقدم على باقي الدول خارج فرنسا، وتتقدم المدرسة الأمريكية في مدن مختلفة، كما اتخذت مدريد لنشر تعليمها، إجراءات مشجعة ومنافسة للمدرسة الخاصة في المملكة.

ونستحضر هنا دراسة للعربي حاجي في جامعة كيبيك عن “التربية، النمو الاقتصادي والتنمية البشرية، حالة المغرب” تقول: “إن المملكة تبني جسورا بين المدرسة الخاصة والأهداف الاقتصادية التي حددتها الدولة”، و”المسألة تتجاوز دعم التربية لخلق الانسجام الاجتماعي وخلق الثروة إلى تأسيس قيم السوق في بناء الرأسمال البشري نفسه” كما تقول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية منذ 1995(10)، وهو تقدير مغالى فيه، لأن الدراسة التي وضعت ثلاثة نماذج:

ـ نموذج “لوكاش”: نظرية التراكم لخلق الرأسمال البشري.

ـ نموذج “رومر”: المعرفة كنتاج لأنشطة البحث.

ـ والنموذج “النيوشمبيتري”، الجامع لنظرية التجويد والقيمة، أو الجودة والقيم، وتختصر التقدير المغربي في جمع النماذج وصياغة تكاد تؤطر لمعنى رئيسي: المدرسة التي يقودها القطاع الخاص، هي تقرير لمصير الإنسان المغربي مع رسملة المدرسة العمومية، وبنائها المتطرف على مفهوم “المردودية” فقط.

ولأن العولمة التي يدعو المغرب إلى أنسنتها في الخارج، ويتطرف في تطبيقاتها وبرامجها في الداخل، تؤكد قاعدة: “لا تنمية بشرية دون رأسمال بشري”، ووزارة التعليم تهمش حاليا تثمين المدرس والمتلقي والعملية التعليمية.

وعلى النقابات في هذه المرحلة، تنزيل ما قرره عزيمان، مع كل الضمانات الممكنة للشغيلة، وهي رؤية نموذجية يريدها الأمنيون.

وفي هذا الخضم، تورد الدراسة في جامعة كيبيك عن المغرب، قولين للوزير الأول الأسبق، أحمد العراقي: “في مجال التربية، هناك الكثير من الديماغوجيا”، وقول آخر لعبد اللطيف الفيلالي والذي شغل بدوره الوزارة الأولى: “في عيون النظام، لم تكن التربية أولوية في تنمية البلاد”.

ولا يمكن الجزم، حاليا، بإفراغ قطاع التعليم من الديماغوجيا رغم تعيين رجل أمن على رأس الوزارة، أو كونها أولوية تنموية في البلاد، وتتواصل هذه الخلاصة، بما نشرته “لاغازيت دوماروك”(11) من أن “النظرية النيوليبرالية لاقتصاد التربية، منذ أزمة الديون بداية عقد الثمانينيات في القرن الماضي، تتواصل وتتسارع خطواتها”.

واليوم، يحاول نفس القادة، المساس بميزانية التعليم بعد ما يسمى إصلاح صندوق المقاصة الذي لا يعني سوى قطع الدعم العمومي عن الحالة المعيشية للمواطن.

وضع اليد “الأمنية” على وزارة التعليم من أجل نزع “المجانية” وتوسيع “خوصصة التربية” تماشيا مع قطع الدعم العمومي للمادة التعليمية والتربوية الموجهة للمواطن، كما تم قطع الدعم عن حالته المعيشية، وتفتخر دولة غانا بتعميم المجانية بدعم من اليونيسكو، فيما يفكر المغرب، كإحدى دول الاتحاد الإفريقي في إعدامه

لا أحد يحاسب الدولة في فساد رجالها، لكنها تريد أن تمنع الدعم العمومي على المواطن، مع تحميله أعباء ضريبية كبيرة، والخطة تدعو إلى تحويل المدارس العمومية إلى “خاصة” بتعبير فريدمان(12) في استراتيجية تبدأ بوقف الدعم العمومي “عن كل ما هو معاشي بالنسبة للمواط ” لتمس بعد ذلك، تعليمه، وصحته، وباقي القطاعات الحيوية والرئيسية التي يمكن أن تشكل حياته المدنية ومستقبله.

وقررت الحكومة الحالية إدارة رجل “أمن” لوزارة التعليم، من أجل ضبط انعكاسات رفع الدعم عن المدرسة العمومية باتجاه خوصصتها بشكل كامل، فالمسألة في المغرب لا تتعلق بـ “أمركة” النظام التعليمي، لأن “الأمركة” يجب أن تكون شاملة ومستجيبة للقانون الرافض للامتيازات والمحاباة وشبكات المال والصفقات المشبوهة وما يتصل بالرشى وتجارة القنب الهندي، وعدم تحريك قواعد المنافسة، وغيرها من مظاهر “اللاقانون” التي تدفع إلى التطرف، بما فيه تطرف المقاربة التقنية المرتكزة على قانون “المردودية” بالنسبة للمدرسة العمومية، والعمل على قيمة واحدة، رأي غير دقيق، لأن المدرسة العمومية خلاصة القيم الواقعية لعموم المجتمع، فعندما يصل الفساد إلى التعليم، فلأن كل شيء فاسد، فـ “التعليم مرتبط جدليا وممارسة وقيما بالسياسة الاقتصادية المتبعة”(13) كما يقول بيتر هويت.

والتوحش الذي أظهرته دوائر الصفقات والقطاع العام ورفض إعمال قواعد المنافسة وتبني تطبيقات وخطط ترفض الدعم، يذهب باتجاه بناء “توحش” مضاد من المجتمع، يدفع النظام إلى اللجوء إلى الأمن لتمرير مخططاته.

ولا يمكن بأي حال، أن يجمع خبراء المغرب على القول بأن المسألة التعليمية، مرتبطة بالسياسة الاقتصادية التي يفرضها أخنوش وتحالفه الليبرالي مع الإسلاميين، وبدعم من “الهولدينغ الملكي” والمؤسسة الملكية أو القصر في شخص المستشار الملكي عزيمان وسياسته التقليدية “الجديدة”.

وما يجري في المغرب هو تماما ما يطلق عليه الأنجلسكسونيون: “إبداع الهدم” لوصف هذه الوضعية.

ويفصل هويت وزميله أكهيون هذا البعد(14)، لكنه يبقى مهددا للنظام وإن استعان بآلته الأمنية لمنع الانعكاسات الطارئة عن هذا النموذج في النمو.

والأساس في التنمية البشرية كما يقول الخبير، سين(15)، أن هذه التنمية، مسار لتوسيع خيارات الأفراد، وحبس الرؤية من تحت، كي لا تنعكس على استقرار الحاكمين، ولذلك تعد المسألة التعليمية أخطر حرب يقودها وريث الحسن الثاني في هذه المرحلة الحساسة، فالمملكة تعاني من فقر مرتفع (17.8 في المائة في عام 2001)، ولا يمكن ترك قيم الحركة الاجتماعية لقيم السوق، لأنها تناهض المخزن وقيم الطاعة وتتجاوز معنويا كل مركز تجاري مهما كانت قدرته.

والمغرب، إلى الآن، لم يحسم في نموذجه الاقتصادي، لذلك، فالمسألة التعليمية “المنتجة” لا يمكن توقعها دون الوصول إلى هذا النموذج وبنائه على “العدالة” و”الحرية” كما يقول سين، فلا أمل في بناء اقتصاد تنافسي مفتوح، وغير فاسد في المغرب، ولا أمل لارتباط العملية التعليمية في “النيوليبرالية” بالسياسة الاقتصادية وقيمها المتعارف عليها كونيا، في إطلاق تعليم من هذا النوع المعولم في المملكة.

وفي خلاصة مباشرة، لا يمكن بناء التعليم على قيمة “المردودية”، وهي غير متوفرة في باقي القطاعات، أو أنها غير “معيارية”، أي وليدة فساد واحتكارات أو شبكات فقط.

التعليم العمومي المؤسس على قاعدة التنمية البشرية وليس الاستثمار في المدارس الخاصة فقط، قادر على اجتراح طريق بديل لأزمة تبدأ في مرحلة “ما قبل التمدرس”

في مراجعة كتاب عبد القادر التهامي بعنوان: “الفقر في المغرب”(16)، يتأكد أن التعليم العمومي المؤسس على قاعدة التنمية البشرية، قادر على تمكين الجميع ومساواتهم في بناء المؤهلات التي تمنحهم فرصة العمل أو المبادرة من موقع الإنسان الذي يتأهل تقنيا عبر مسار قابل لضمانه وتمويله عبر الدولة.

وهذه الدولة، تضمن من جهة ثانية، ما قبل التمدرس (63 في المائة في الدار البيضاء و69 في الرباط و29 فقط بالمنطقة الشرقية)(17)، دون فوارق على صعيد الطبقات والجهات والتقديرات.

ومن المهم حسب الباحثان، أبياه وماهون، “التركيز على التعليم الابتدائي، ولا أهمية للتعليم العالي إن لم يتحقق شمول التعليم الابتدائي”(18).

وحاليا، لا يمكن تقرير هذه القاعدة الكمية في المملكة، لكنها تطمح إلى تجويد الدرس العمومي الموجه للأطفال واليافعين في انتظار رشدهم الذي لا يمكن اعتماده تقنيا أو عمريا، بل اتصالا مؤكدا بالوعي الجماعي الوطني، والأساس في هذه العملية، أن الوعي بالتجارب والرؤي الأخرى، يسبق “رؤية طفلنا إلى داخل بيته وحيه ومدينته”، فالفكرة القادمة أكثر تأثيرا من الفكرة المحلية، لكن السلوك المحلي يسبق كل شيء في ممارسة الطفل وسلوكه، وهذه الفجوة لا ترتفع أو تزول مع السنوات، لأن الخوف من الحرية يسبق الوعي المغربي بالآخر، رغم حوارنا المفتوح معه.

وتشكل المدرسة العمومية “سوء إنصات” لطفل ضمن 70 آخرين في مساحة صغيرة وأمام الفرد “المعلم” الذي يميز لا محالة بين متمدرس وآخر لضيق وقته، ولأن الساعة التي يدرسها للناشئة لا تمكنه من توزيع دقيقة على كل طفل وإن تنازل المعلم وأعطى دقيقة لـ 70 طفلا؟ لذلك، فمخارج الحوار مع النقابات، جزء حقيقي من الحل الذي يؤسس للدرس التطوعي والعمل المدني في عمومه.

إن المدرسة العمومية، التي استدعت الخبراء المحليين مع جطو، سقطت في الديماغوجيا، وغلبت الجانب التقني في الحل، وربما يساهم العمل من القاعدة ومع الشغيلة التعليمية في تقليص هذه الهوة العميقة والمتسعة.

الرأسمال الفاعل في المدرسة الخاصة يستثمر تجاريا وليس استراتيجيا في دورة الأعمال

يكاد الرأسمال المغربي ينفرد في العالم بتطرفه في الأرباح، وتحديدا في استثماراته بالمدرسة الخاصة أو التعليم الخاص، لأن منطقه ليس شموليا، فهو لا يؤهل نفسه لربح “المعدل المهني المرتفع” للشغيلة المغربية في المستقبل، أو بناء مختبرات وأفكار وإنتاج قابل للتصدير، أو يساهم في دورة اقتصادية ناجحة للبلد، لذلك فاعتماد الدولة على الرؤية المبسترة لأناس يحملون محافظ مالية يهدفون إلى تحقيق الأرباح دون أبعاد مندمجة أخرى، رهان فاشل، لأن السلطات تعتمد المقاربة التشاركية والرؤية المندمجة، لكن الاستثمار الخاص ليس له هذا البعد “المندمج” في فعاليته.

وتأخرت، في العشرية الأخيرة، ممارسة “المقاولة المواطنة” بشكل كبير، فيما يشترط الاقتصاد هذا الجانب في الاستثمارات الموجهة إلى: الصحة والتعليم، بل يسود معنى دقيق لاستدامة النمو من خلال التنمية البشرية الفاعلة في دورة الأعمال.

ومن المهم القول، أن “المدرسة الخاصة” في المغرب، ليست تقاطعا للمقاولة المواطنة والنقابة المشاركة في تجويد العمل التربوي وخلق مردوديته.

ولا يمكن لوزير أمني سوى ضبط “الفوضوية” التي تعيشها استثمارات الرأسمال في حقل التعليم، بنفس القدرة التي يجب العمل عليها لحماية المدرسة العمومية من الإيديولوجيا ـ ربما من أطراف معارضة ـ وأيضا من “ديماغوجيا النظام”، لكن ذلك لن يتحقق لأن تسلط النظام وسلطة الرأسمال، تتجاوزان الحدود المعقولة، فالمدرسة العمومية المواطنة والمحايدة نتاج الحرية ولا يمكن بأي حال، أن تكون قاعدة للضبط الاجتماعي والانضباط إلى أسس وقيم نظام معين.

والمدرسة الجديدة المطابقة لقيم النيوليبرالية، تؤمن بالليبرالية، وتؤكد على فرنكفونيتها، رغم سياقها الضعيف في العولمة، بما يجعل قيم السوق التي شكلت المدرسة المغربية في جيلها الجديد، ليست قادرة على استيعاب المنافسة، لأنها تبني “ديناميات متأخرة” عن سلم العصر وقدراته المتجددة، وتكاد تلتزم هذه المدرسة برؤية غرب إفريقية لا غير، فالقارة الإفريقية بعد جديد في نظر المقررين، وستكون المقارنة مع دول أقل منا تاريخيا.

ولأن “توحش الرأسمال” والدولة في مقابل مجتمعها الذي فقد عصبه المتحرك: “المدرسة الوطنية” التي حررته من الاستعمار و”المدرسة النظامية” التي لم تشكل قيمة أو تميزا واضحين، فإن الأزمة ستتواصل، فيما يعرقل الرأسمال ظهور “المدرسة الجديدة” أو “المدرسة المواطنة” المبنية على الحرية، وهي أولى شروط عولمة واندماج المغرب في عصره، ولا يزال جزء من النظام يدافع عن تركيبات فاشلة لا تزال الدولة تجربها على أجيالها، فيحترق المستقبل في يد الأجيال الصاعدة.

إعداد: عبد الحميد العوني
عن جريدة الأسبوع 

هوامش

1_ Au Maroc, la disparition des écoles publiques accélère la marchandisation de l’éducation, Ghalia kadiri, le monde (21/11/2016).

2_ Centre de recherche global- initiative for Economie, social and culturel rights, Sylvain Aubry (sur net).

3_ Maroc: annuler la gratuité de l’enseignement public, une idée qui ne passe pas, jeune Afrique (30 Nov. 2016).

4_ Enseignement au Maroc: de quelle gratuité parle – t – on, Fatiha Daoudi, Huff post (r/3/4/2017).

5_ Education Islamique: le Maroc veut réviser les programmes scolaires, huffpost Maghreb.com (8/2/2016).

6_ l’enseignement et la jeunesse vus par l’intelligentsia Marocaine, Bernard Schlemmer, cahiers de la recherche sur l’éducation et les savoirs, sur net (16+ 3).

7_ Cosef (1999).

8_ l’institutionnalisation du système de l’enseignement au Maroc: évaluation d’une politique éducative, Mohammed Souali, broché (2/6/2004).

9_ le Maroc révise l’enseignement islamique, Remy Pigaglio, la croix (15/11/2016).

10_ OCDE, defis à l’horizon, 1995, Paris p: 3.

11_ Gazette du Maroc, n° 587, Casablanca.

12_ Peter Howitt, croissance endogène, productivité et politique économique: rapport de situation, observatoire international de la productivité, n° 8, p: 3.

14_ P. Aghion and p, Howitt, a model of growth through creative of truction, econometrical, 60 (2) p: 323.

15_ A.sen, modèle économique: développement, justice, liberté, Odile Jacob, Paris, 2000 p: 13.

16_ Abdelkader Touhami, la pauvreté au Maroc, Rabat 2005.

17_ Conseil supérieur de l’enseignement, état et perspectives du système d’éducation et de formation, rapport analytique, vol 2p: 22.

18_ E.N.APPIAH wwnc Mahon, the social outcomes of education and feedbacks on growth in Africa, journal of development studies, 38, 4, 27 2002, p: 41.

تعليقات

المشاركات الشائعة