الكَرامَةُ ...قَبلَ السُّلَّمِ والترْقِيةِ ...وَاحَسْرَتاهُ لِقَاءُ الوَزِيرِ بِالمعَلمَاتِ!







في مستهل هذا المقال أعتذر لكل معلمة شريفة غيورة كريمة أمينة ...، أدركت وتدرك رسالتها التربوية، وتبذل النفيس لتحقيقها، تؤدي واجبها وتطالب بحقوقها بلا تدنيس لكرامتها أو امتهان لأنفتها...،
كما أعتذر لكل تلميذ وتلميذ درس دروس العفة والحياء والقيم والأخلاق بمدارس يشرف على دراستها وزير للتربية والتعليم، ظهر في مقاطع مخلة بالآداب والحياء، بين أذرع النساء يقبل الخدود، ويمرر الأيدي على الأعناق والأكتاف، بلمسات تنشر الرذيلة والفضيحة، بين المتعلمين والمعلمات وهم يرون سيد وزارتهم من حضن هذه إلى تلك.
وإذا كان الأسى شديدا ...والألم مرا ...فسأتناول الفضيحة الأولى المتعلقة بلقاء الوزير بالمعلمات، وسأخصص للفضيحة الثانية مقالا تاليا إن شاء الله ...
وبعد:
عذرا صاحبة الصفر ...فقد التقى الوزير بالمعلمات !
بأسى وحسرة وألم شديد شاهدت مقطعا بالصوت والصورة يظهر فيه وزير التربية والتعليم رفقة ثلة من المعلمات ...تمايلن وتضاحكن ولم يطالبن إلا بالمال، وجاوز أمرهن الحد، وهذه نفاثة صدري الذي جوي من المشهد، وفضلة عاجز عن كتمان الألم، وغرضي في هذه المخاطبة، ومغزاي من هذه الشكوى والمباثة، أن أبلغ عن نفسي كمرب، غير راض عن المشهد، قلبه يتلظى أسفا على مهمة ضاعت بين الخمول والبحث عن المال.
فقد شاهدت المقطع وفي كل ثانية يتقدم يشتد الوجع بداخلي لكلمات أسمعها ومشاهد أراها، تنم عن سوء تصرف وتمثيل، ممن يفترض أن يكن نخبة المجتمع وموجهاته؛ بيد أن الظن خاب فيهن هذه المرة وقد خاب من قبل مرات، وإن كان الهول والفاجعة هذه المرة أعظم وأشد وأنكى!.
معلمات في عقدهن الثالث وأخريات في عقدهن الرابع والخامس...، يحطن بوزيرهن عن اليمين وعن الشمال، في مشاهد مخلة بالمروءة مسيئة لأطر التربية والتعليم؛ من نواحي متعددة:
أولاها: احتكاك الأجساد
مؤلم أن ترى معلمات يتمايلن بين يدي الوزير، ضحكا وانتشاء وطربا، أفضى إلى احتكاك الخدود بالأكتاف، في مشهد مؤثر على أي قريب غيور يشاهد محرمه بذلك المشهد تتسول الوزير ترقية وسلما يضيف لراتبها دريهمات لا تسمن ولا تغني من جوع، كان حريا بها وأجدر أن تصون كرامتها وأن تحفظ مروءتها وعفتها وحياءها، خير لها من تلك الوظيفة برمتها، فلا خير في وظيفة آلت إلى وضع الخدود على الأكتاف، وتمرير أيادي النسوة على ظهر الوزير من مختلف الجهات، فالتلميذة الصبية أحق بتلك اللمسة الحانية من وزير يبتغى أجره أو سلمه، ويد المعلمة التي تحسست ظهر وكتف الوزير، ونواحي مختلفة من جسده وياحسرتاه ...قد لا تكون فعلت ذلك بالمتعلمين على مر السنين.
وقهقهات على مبكيات، لكن موت الضمير صيرها مضحكات، وتعالت الأصوات عند حديث الوزير عن المتزوجة، ويظهر من تهليلهن أن الأغلبية ربما متزوجات، لفرحهن بالخبر، وكأنه فتح مبين أو نصر عظيم، لكنها النفوس لما تصغر تصبح اهتماماتها أيضا صغيرة، وأفضل خدمة يمكن أن تسديها تلك المتزوجة لنفسها أن تربأ بنفسها عن الظهور في مثل ذلك الموقف، وبتلك اللمسات التي كانت تطبطب ظهر الوزير، احتراما لمشاعر ابنها أو زوجها.
ثانيها: غياب أدب الحوار
أما الفوضى في الكلام والصخب والضجيج الذي أساء للمعلمات أكثر من الوزير، وإن اشتركا في الوزر، فقد كان باديا في كلمات متقاطعة، وهتافات أشبه بنزاع الصبية، في حديث غير منظم، لا أول له ولا آخر ...، كلمات تتطاير من هنا وهنالك، ولكل منهن وجهة هي موليها، كل تغرد على شاكلتها، وتفصح عن أمنيتها، في حوار جدلي لم يتجاوز المنافع الشخصية، ولا غرابة فهو حوار اختلط فيه الجد بالسخرية والاستهزاء!.
ثالثها: حديث السلالم وكسب المال ...
ولو كان الحديث عن منفعة عامة أو مصلحة للوطن والمواطنين؛ لهان الخطب، ولكن هيهات هيهات؛ فالكلام كان منصبا عن المال وحديث السلالم، وما أدراكه من حديث بين بعض أطر التربية والتعليم، حيث لا حديث إلا عن المال والترقيات، في غياب أي حس أو ضمير إنساني مهني على ما آل إليه أمر التربية والتعليم، بمباركة ومساهمة من عاشقي السلالم الذين لا هم لهم إلا الدراهم، وإن صار الشعب أميا لا يقرأ ولا يكتب، إلا قلة من الغيورين يأنفون وينأون بأنفسهم عن الخوض في متاهات تضر بقيمتهم ومكانتهم التربوية والاجتماعية.
وحق مشروع لأي موظف أن يبذل ما في وسعه من جهود مشروعة للترقية، وتحسين الوضع المادي، لكن ينبغي أن لا يكون هذا هو الهم والهدف، وأن لا يستحوذ ذلك على أنديتنا ومجالسنا، في غياب أي نقاش تربوي لقضايا أساسية تهمنا وتسهم في تطوير بلدنا وتعليم أبنائنا ...
ولما تحدث الوزير عن الترقيات تعالت الدعوات من كل جانب، مسبحات بحمد وزيرهن، "لهلا يخطيك" وكأنه أنقد أمة من الجهل والغواية والأمية التي يكتوي منها أبناؤنا قبل أن تكتوي منها الأطر التي تتقاضى أجورا على عملها، ثم تأبى إلا أن تظل شكواها مستمرة وحاجاتها دائمة!
ليقل الوفا ما شاء، يأتي وزير ويذهب وزير، ودعن الزائر فليفر فريه كيف أحب! ولكنه إذا زل، وطار في الحديث، وأنتن ربات التربية والتعليم فليكن منكن الاستدراك والتدارك، ولكن هيهات، هيهات! فقد طابت لكن الضحكات! وطابت لكن الارتقاءات!! وصاحبتكن قد وضع لها الوزير صفرا... بأسلوب تنكره الأعراف التربوية والآداب الإنسانية... !
إن مآسي التعليم لا تحتاج إلى نفق في الأرض أو سلم في السماء؛ ولا إلى عصى موسى أو قميص يوسف، ولا إلى عرش بلقيس، ولا إلى أدمغة الطير الأبابيل التي رمت بحجارة من سجيل، ولا إلى سلم أو ترقية بل إلى رجال أوفياء متفانين في العمل مخلصين مؤمنين بعملهم ورسالتهم ...فمن لي بأولئك الرجال والنساء ...وأضمن استقامة أمر التربية والتعليم بهذا البلد الحبيب ... .


عبدالكريم القلالي

تعليقات

المشاركات الشائعة