احتجاجات استباقية للنقابات التعليمية على معايير تحديد المناطق النائية

رجال التعليم في العالم القروي يتطلعون إلى معرفة المؤسسات التي سيشملها التعويض




في خطوات يمكن وصفها بالاستباقية والتحذيرية، قررت مجموعة من النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، خاصة في عدد من الأقاليم والجهات التوحد والخروج ببيانات وبلاغات مشترَكة مع بداية الموسم الدراسي، دعت من خلالها إلى خوض محطات نضالية تنوعت بين الإضرابات والاعتصامات والبلاغات.. تعبيرا منها عن رفضها القبْليّ عدمَ إدراج مناطق تنتمي إلى بعض النيابات أو الأكاديميات ضمن المناطق المستفيدة من التعويضات التي تعتزم الوزارة الإفراج عنها، والمتعلقة بما وصفته الوزارة بـ«المناطق النائية والصعبة» في العالم القروي.
 وقبل انطلاق أعمال اللجن الإقليمية المشترَكة الموكول إليها مهمة تحديد المؤسسات التعليمية التي من المنتظر أن تستفيد من هذه التعويضات، وباعتماد المعايير المُحدَّدة في المذكرة المشترَكة بين الوزارات الثلاث (التعليم، الصحة والداخلية)  تبيّنَ منذ البداية أن دائرة الاستفادة من تلك التعويضات سيكون ضيّـقا، الأمر الذي دفع مجموعة من النقابات التعليمية إلى الإعلان عن رفضها تلك المعايير وتطالب بضرورة تعميم تلك التعويضات.
 وبالرجوع إلى البيانات والبلاغات منذ بداية الموسم الدراسي الحالي، فإن أغلب الاحتجاجات جاءت من النقابات الأكثر تمثيلية، التي فضّلت بعض مكاتبها الوطنية الصمتَ تجاه تلك المعايير التي ارتكزت عليها اللجن المخول لها البتّ في هذا الملف الحساس، إلا من بعض التصريحات «الخجولة» لبعض المسؤولين النقابيين في وسائل الإعلام، وهي التعويضات التي اعتبرها البعض مجرد «زلة قلم أو لسان» لبعض المسؤولين السابقين سنة 2009، وتورط فيها من جاؤوا بعدهم، حيث كان الحديث عن تعويضات العالم القروي، قبل أن تتحول بعدها إلى تعويضات عن «المناطق النائية والصعبة»، بعد أن وقفت الجهات المعنية على استحالة تعميم هذا التعويض، البالغ 700 درهم على كافة العاملين في العالم القروي، من رجال ونساء التعليم.
 وقد جعلت هذه الخرجات الاحتجاجية لبعض المكاتب الإقليمية لبعض النقابات المتتبعين للشأن التربوي يطرحون السؤال حول مدى توافق قرارات المنظمات النقابية وطنيا مع قواعدها في المناطق التي أعلنت عن تلك المحطات الاحتجاجية الرافضة لتلك المعايير، والتي بلغت حد الإضراب ليومين أو أكثر في بعض النيابات الإقليمية، في الوقت الذي كانت الساحة التعليمية تنتظر موقفا وطنيا موحّـَداً من طرف النقابات، ما دام التنسيق الإقليمي يصل إلى أربع أو خمس نقابات في عدد من الأقاليم بخصوص ملف التعويضات عن المناطق النائية والصعبة. وفي الوقت الذي كان من المفروض الاستماع إلى مقترحات النقابات إقليميا والأخذ بها قبل تحديد تلك المعايير، نطالع في بعض تقارير هذه اللجن المشتركة أن النقابات لمّا اطـّلعت على مقترَحات النيابات، اتضح لها أنها ما زالت تتطلب بعض التصحيحات وتعذرت مناقشتـُها والمصادقة عليها، تماما كما وقع في إقليم أكادير إدوتنان، الذي عرف احتجاج النقابات على عدم استدعائها  لحضور الاجتماع الأول لتلك اللجنة، وتم الاتفاق خلاله على منح فرصة للنقابات لإعداد نسخة من مقترحاتها الخاصة بمقرات العمل التي يمكن أن يشملها التعويض.
 وفي عدد من الأقاليم تأكد  من مصادر نقابية، أن عددا من ممثلي النقابات في هذه اللجن لم يكن لديهم تصور مضبوط ودقيق حول المؤسسات المقترَحة، لصعوبة القيام بذلك في فترة وجيزة، لاسيما في المناطق الجبلية والنيابات مترامية الأطراف.
 وقبل أن تعلن اللجن التي تشكلت في عدد من هذه الأقاليم لتحديد هذه الخريطة بشكل رسمي، بدأت أعناق العاملين في العالم القروي تشرئبّ، في محاولة منها لمعرفة ما إنْ كانت مجموعاتهم المدرسية ومدارسهم المستقلة ستكون ضمن المدارس التي سيشملها تعويض العالم القروي، وهو بمثابة التحفيز الذي بات يُعوّل عليه الآلافُ من رجال ونساء التعليم العاملين في العالم القروي، والذي بإمكانه أن يساهم، بشكل أو بآخر، في  تشجيع استقرار الموارد البشرية في عدد من مناطق المغرب، التي تعاني كل سنة من ظاهرة الهروب الجماعي الاضطراري في إطار الحركات الانتقالية.
 و قال عبد المجيد غرس، نائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، إن «اللجنة المركزية، التي كانت ممثلة فيها النقابات الأكثر تمثيلية، وضعت بعض المقاييس والمعايير التي اعتبرناها موضوعية، لكننا قلنا إن هذه اللجنة المركزية لا يمكنها بتاتاً أن تتخذ مواقف تتعلق بهذه المعايير، وتم إسناد الأمر إلى لجن محلية تكون فيها النقابات الأكثر تمثيلية حاضرة، إضافة إلى الوزارات المعنية». وبخصوص الإضرابات، قال غرس إنها «ليست وليدة اليوم، بل كانت منذ تم الحديث عن تعويض 700 درهم للعاملين في المناطق النائية والصعبة، ومنذ ذلك الوقت بدأ الجميع ينادون بحقهم في الاستفادة من هذه التعويضات، أما الآن فالنقاش ما يزال ساريا حول الموضوع واللجن المكلفة بالموضوع تشتغل، لهذا علينا انتظار خروج لوائح المناطق النائية والصعبة ، وبعد أن يسد باب النقاش حولها آنداك يمكن اتخاذ مواقف»، معتبرا أن الكرة في مرمى اللجان الإقليمية. وقال المتحدث نفسه إنهم في الاتحاد المغربي للشغل «كانوا ينادون دائما بضرورة تعميم التعويض على العاملين في العالم القروي، الذين يشتغلون في ظروف قاهرة، في ما يتعلق بظروف السكن والتنقل وظروف العمل... إلا أن الحكومة ذهبت -بقدرة قادر- في اتجاه الحديث عن المناطق النائية والصعبة، وهذا غير صحيح، إذا كنا بالفعل نسعى إلى تشجيع العاملين في العالم القروي، ومساعدته على الاستقرار بدل التفكير في الهروب منه عند أول فرصة انتقال».

تعليقات

المشاركات الشائعة