شريط "الوفا" مسيء للمسلمين





بلاغة الخطاب عند وزير:

أبى صديقاي ،عمر بن عمر،من سويسرا؛ومحمد شركي،من وجدة ؛ ولا تعارف بينهما ،إلا أن يجتمعا – صباح هذا اليوم الخريفي الممطر؛صدفة فقط-على موضوع واحد في موقعي هسبريس ووجدة ستي:

بلاغة الخطاب عند وزير التربية الوطنية الأستاذ الوفا.

ولا يخفى على أحد أن البلاغة ،والعمق التربوي،مطلوبان –بداهة- في الجالس على هرم المنظومة التربوية؛باعتبار المخاطبين؛وهم كل أطراف العقد الديداكتيكي في وطننا؛وهو العقد النبيل المؤسس ،عَقِديا،على قوله تعالى:"اقرأ"؛وتدبيريا على كل الغابات والأهداف المسطرة ،رسميا، لنظامنا التربوي التكويني ؛بكل الترسانة التشريعية المؤطرة له .

أول ما قرأت عنوان الموضوع ،القادم من سويسرا" الوزير الوفا وْصاحبْتو" خِلت أن أمرا ما ليس على ما يرام ،في قاموس صديقي ؛خصوصا وهو مختص في الطاقات البديلة. قلت لعله حول اتجاه طاقاته ،وهي أكاديمية، الى لسان العرب حتى يجري عليه ،هو أيضا،سنن الربيع العربي.

أما صديقي محمد شركي؛وهو ،كما أعرفه ،إطار تربوي من سلالة القنافذ؛ فقد رفع الأمر برمته الى رئيس الحكومة مهتبلا فرصة زيارته الحزبية الى مدينة وجدة. نوع من الاستئناف، أو رفع درجة التقاضي؛ لأن مواضيعه المنبهة إلى أمور ليست على ما يرام في تدبير الوزير الوفا،تعددت تعدد الزلات...

رغم ثقتي في صديقي بحثت عن الشريط الخطابي البليغ حتى لا أُقََوِِّلَ وزيرا ما لم يقله؛وفعلا وجدته –لبلاغته دائما- ارتقى الى الخطاب الدولي "اليوتوبي" – ليس من اليوتوبيا- لأنه خطاب" من لحم ودم".

ارتقى الى "يوتوب" ليقدم للعالم بعض التفسير الكافي والشافي لاحتلالنا الصدارة ،ضمن الدول الموغلة في تخلف منظوماتها التربوية؛هذا رغم الإصلاحات المتلاحقة،ورغم الميزانيات الضخمة،ورغم مستوى أطرنا التربوية ؛والذكاء التلاميذي المنتشر عبر مساحة الوطن كله.

إضافة الى احتكاك هذه الخريطة بسيقان أوروبا ؛الى درجة الخجل.

وبعد أن أرْجعتُ البصر كَرَّتين وأربعا؛ و استمعت ثُلا ث ورَباع؛ حمدت لصديقي دماثة الخلق التي جعلتهما يتعففان عن الغوص ،عميقا،في بلاغة المتن الوزيري ؛ويقتصران على ما لا يفسد ودا:

بيننا وبين خالقنا الذي أمرنا ألا نشيع الفاحشة ،وان حصلت ؛كما أمرنا ألا نرمي المحصنات ،ولا نعتدي على الأمم الأخرى ،مبادأة....

وبيننا وبين رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله، الذي أقام فينا مدرسة مكارم الأخلاق ؛التي لا تنتهي الدراسة فيها أبدا؛والتي نلازمها ؛كما لازمتها الأجيال السابقة ؛وستلازمها الأجيال اللاحقة.

وبيننا وبين المراسيم والتشريعات الدولية ،المُؤطرة للسلم والحرب،والضامنة للحريات وحقوق الإنسان،بما فيها حقوق المرأة والطفل..... وبما فيها حقوق الرئيس أوباما.

وبيننا وبين حكومتنا التي تعاقدنا معها ،من خلال ممثلينا في البرلمان، على أن تلتزم بمضامين تصريحها ،وتشتغل على صوئه بكل شفافية ،وبكل خلق كريم .

ويتضمن هذا أن تحترمنا ،وهي تخاطبنا؛وأن يكون كلام أعضائها بِأعاليَ أَسافِل ؛كما قال أعرابي استمع لأول مرة الى القرآن الكريم.

أما حينما يكون المتكلم وزيرا للتربية فان توخي اللفظ السليم ،والمتخلق- إن أعوزته البلاغة- يصبح واجبا مشددا لا رخصة معه .

لا زلت أذكر صوت الدكتورة عائشة عبد الرحمن(بنت الشاطئ) وهو يجلجل في مدرجات كلية الشريعة بفاس محللة منهجها البياني في تفسير القرآن:

كيف تخطئ في القرآن وتخرج إلى الأمة؟ اسْتشهِدْ بكلمة فقط إن كنت لا تحفظ الآية.هذا أفضل من أن تخطئ فيها.

يمكن أن يقرأ الوزير الوفا الموضوعين ويطمئن الى النقد المهذب لعمر بن عمر ؛وقد يسخر –كعادته- من دعوة محمد شركي لتدخل رئيس الحكومة.

لكنني أجزم أنه سيخجل لو سمع سؤال طفل صغير لأمه:" أمَا مَا وَاشْ المدير عندو صاحبتو"؟

أو تلك الصبية التي سألت أباها: آبابا واش أوباما مغربي؟

لماذا هذا السؤال يا بنيتي؟ حيت الوزير تيقلو: والله آباباك.

ما كنت أحسب أني أحيا الى زمن ...

لن أكمل البيت لأن الوفا وزير ؛ولم تعد العبودية قائمة الا لله. أما هل سيظل الوزير وفيا لبلاغته ؛فهذا أمر يخصه ؛وعلى عاتق كل الضمائر الحية في هذه البلاد ألا تجعل أيامه في الوزارة محمودة.

براءة المسلمين:

في الوقت الذي تواجه الأمة الإسلامية خطاب الإساءة إليها، في شخص نبيها ، باظهاره صلى الله عليه وسلم ؛وكأنه قادم من عمق "الأبقورية" اليونانية ليعلم الأمة العربية كيف تتهتك ؛هي التي تعففت حتى في أشعارها الغزلية الجاهلية؛في هذا الوقت الذي علا فيه خطاب الأخلاق ،وضرورة التعامل بنبل مع كل الأديان في العالم ؛صحت أم لا؛ احتراما لشعور الناس ؛وتقوية للحمة بين الشعوب ؛في هذا الوقت ،بالضبط، يظهر وزير للتربية الوطنية ؛في دولة اسلامية، وهو يقدم – بصفته هذه ،وفي اتصال هاتفي رسمي مع كاتبه العام-نموذجا كلاميا سيئا يشرعن الفجور ؛ويوهم العالم- اعتبارا لسرعة انتشار الخطاب في عصرنا الرقمي ،وعالميته حتى وهو وطني- أن مؤسساتنا التعليمية يحدث بها ،على مستوى أطقمها الإدارية، ما هو من جنس الشريط.

كأنه يقول :صدقتم لسنا ابرياء ؛واليكم الدليل من مؤسساتنا التربوية في المغرب.

انه كلام وزير وتترتب عنه قناعات وأحكام.

ان صح ما يقوله الوزير فعليه وزر عدم التدخل حفظا للأخلاق ،داخل المؤسسات؛وتفعيلا لكل الترسانة القانونية التي تحارب الفواحش .

ان كذب فقد رمى الحَصَانَ ؛ووضع نفسه عرضة لمساءلة القضاء .

هذا ما يجب أن تنتبه اليه فعاليات المجتمع المدني وكل النقابات؛بله المدير والموظفة المعنيين .

انني أضم صوتي الى الأستاذ شركي في المطالبة بتدخل الجهات العليا في هذه النازلة ؛صونا لكرامة رجال التعليم كلهم ؛و جبرا لخاطر رئيس دولة عظمى تجمعنا بها علاقات تاريخية.

لقد سبق للسفير الأميركي في المغرب أن صرح لهسبريس قائلا:أنا أتتبع كيف يفكر المغاربة؛وأضاف:وأبتسم...

اذن حتى لو كانت خافية لما خفيت ..

لقد ذُكر الرئيس أوباما وأبوه بعبارة مغربية شعبية نعرف جميعا شحنتها القدحية والتحقيرية.

أما حينما تذكر الأم فتلك قاصمة الظهر.

ولا بأس أن اُشَغّْل الخط الأخضر الذي فتحه الوزير ليراقب من خلاله السلوك الوظيفي لرجال التعليم؛لأقول له – بصفتي مواطنا و إطارا تربويا متقاعدا وكاتبا - إن الطريقة التي تدبر بها أم الوزارات لا تسعفك حتى في تدبير الثانوية التي شوهت سمعتها.

لن أدخل في التفاصيل ؛ فقد جايلت قرابة العشرة من وزراء التربية ؛وما فيهم الا من تتشرف بالتتلمذ له ،ولو لفظا فقط.

مع كامل الاحترام لكفاءاتك الأخرى التي لا أعرف.


رمضان مصباح الإدريسي

تعليقات

المشاركات الشائعة