الاعتداء على الأساتذة .. كارثة اجتماعية




عندما يطعن تلميذ أستاذه من ظهره ,وهو يكتب على السبورة بعدة طعنات على كتفه:


       – إن كنت فعلا من الغيورين على وطنك وعلى مدرستك وعلى مجتمعك عامة… قد تعتبرها من علامات الساعة.

     – وإن كنت من جيل المدرسة الأمريكية والغربية عامة,حيث أن قتل التلميذ لأستاذه بالمسدس شيء عادي ومبرر ,لأنهم يجدون عذرا للتلميذ وفي جميع الأحوال,فإنك قد تعتبر الأمر عادي.

   – أما إن كنت من جيل الماضي , حيث كان الأستاذ يفوق درجة احترام التلميذ لأبويه,فإنك قد لا تحتمل الصدمة.

     لم يكن بوسعي الكتابة وقت ارتكاب ذلك الحادث المؤلم المؤسف ,من ابن على أبيه ,”أي من تلميذ على أستاذه”.حقا يعتبر الأستاذ في مرتبة الأب,لأنه يقضي معه أكثر مما يقضيه معه أبيه الحقيقي,ويسمع كلامه أكثر مما يسمعه من أبيه الحقيقي,ويصارحه عن كل أسراره أكثر مما يحاكي أباه الحقيقي, ويصدق معه أكثر مما يصدق مع أبيه الحقيقي,ويهابه أكثر مما يهاب أباه الحقيقي, ويقدره أحيانا أكثر مما يقدر أباه الحقيقي.

   عندما يواجه التلميذ أستاذه فقط برد فعل منفعل يعتبر من الكبائر,فبالأحرى الضرب والجرح ومحاولة القتل…إنه عمل جائر.

تراني فكرت مرارا في هذه المعضلة التربوية التي ألمت بمجتمعنا ,ورمت بنا في واد من الألغاز والتساؤلات . يا ترى ما السر في هذه الهجمة الشرسة على رجال التعليم ,الذين افنوا عمرهم وشبابهم لخدمة أبنائنا وتربيتهم وتعليمهم؟….

 نكافئهم بالعنف والتهجم ونكران الجميل.

        مهما حاول أي كان إلصاق التهم برجل التعليم ,لن يكون صادقا مع نفسه,فبالأحرى مع غيره.ومهما حاولنا ضرب الأمثلة ببعض الأساتذة الذين أخطئوا في حق بعض التلاميذ  وعاملوهم  معاملة قاسية نجد أنفسنا قد تسببنا في إيصال أبنائنا إليهم بتربية غير متوازنة ,تجلت في قلة حيائهم وعدم احترامهم لمن هو أكبر منهم ….

    إن تهربنا من واقع الحال,وغيابنا عن سلطة التحكم هي مصدر السؤال.إما تجدنا متشددين غير منصفين ولا متواصلين مع أبنائنا,وإما تجدنا متسامحين انهزاميين منفتحين انفتاح الغائبين. مما يدفع بأبنائنا الى تحين الفرص للانتقام من وضعهم والثورة على مجتمعهم . ليجدوا أمامهم كبش الضحية ,إنه مسكين الأستاذ ,بعد أن لحقه الشيب وهو وقار, لحقه الويل والعار من تلامذته الأعزاء الذين أكرمهم وقت الكرم وعلمهم وقت حبهم التعلم…

ثم ثاروا عليه  نتيجة ظروف وملابسات معينة ونتيجة ظروف تمدرسهم من جهة ثانية….إنه المحور الذي سأحاول تناوله في المقال اللاحق,إن شاء الله تعالى.


محمد المقدم

تعليقات

المشاركات الشائعة