هل التعليم في المغرب أولوية ؟!





إن الحديث عن المدرسة المغربية هو حديث عن مؤسسة لم تستطع أن تخلق لنفسها تميزها الخاص في ظل التحولات التي يعرفها المغرب و العالم بأسره، و قد تنتظرها عقود من الزمن لتصل إلى مصاف التجارب اللافتة و المتميزة على الصعيد العالمي و خاصة الغربي و كذا بعض الدول الأسيوية، و لعل عوامل كثيرة ساهمت في هذا الوضع المرير من بينها عدم تبني سياسية واضحة المعالم من أجل النهوض بهذا القطاع، وكذا تعدد المبادرات الإصلاحية المجوفة التي لا تغني و لا تسمن، اللهم تبذير المال العام و لعل البرنامج الاستعجالي الأخير خير دليل، هذه المأساة التي تعانيها مؤسستنا التربوية ساهمت في تعميق الفجوة بيننا و بين الغرب.

نعم مسلسل إصلاح قطاع التعليم بالمغرب بدأ منذ الاستقلال ولازال مستمر، ويعتبر من أكبر التحديات و الرهانات التي لم تستطع الدولة إلى حد الآن كسبها، ومن العدمية أن نصف كل هذه المبادرات بالفاشلة أو أنها فارغة المحتوى، بالعكس أغلب هذه المحاولات الإصلاحية كانت نبيلة الأهداف، الإشكال هو في تنزيل و تفعيل هذه المبادئ على أرض الواقع، و على سبيل المثال لا الحصر بيدغوجيا الكفايات التي يتم التدريس بها حاليا بالمغرب هل تم توفير الوسائل التعليمية و الظروف الملائمة لتطبيق هذه التصور على أرضية الواقع؟ وهل تم تحضير و تكوين الأساتذة بما يكفي من أجل نهج هذه الطريقة أو تلك؟ و هل تم توفير البنيات التحتية و المعدات التقنية  والأطر التربوية اللازمة من أجل تطبيق سليم لهذه النظرية؟
 
في ظل الثورة المعلوماتية و التكنولوجية التي تكتسح العالم، كان لزاما على أصحاب القرار أولا تجهيز المؤسسات بكل المستلزمات التي تراعي متطلبات العصر، حتى لاتتخلف المدرسة عن هذا الركب، و لاتصبح متجاوزة من طرف المجتمع نفسه، فلقد أثبتت التجارب أن لا تقدم بدون تعليم ذو جودة عالية، و إذا كان المغرب يعتبر التعليم من بين أولوياته في البرامج السياسية، فيجب أن يتجسد هذا في المنظومة التعليمية، من خلال الميزانية المخصصة له، و الموارد البشرية و كذا بناء و تجهيز المؤسسات التعليمية بأحدث الوسائل التعليمية، حتى يتسنى لهذه المؤسسة أن تنتج لنا رأسمال بشري يمكن أن يساهم في التنمية السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و البيئية للوطن.

وأعتقد أن معضلة التعليم لاتعني المغرب و حده بل دول العالم العربي عموما،  ولعل سباق التسلح الذي تتهجه معظم هذه الدول ومن بينها المغرب، لا يساهم سوى في ضخ الملايير في خزائن الدول الغربية، و بالتالي التأخر في سباق التقدم الذي يقوده الغرب، لو أنفقت الشعوب العربية و لو قسط  بسيط على التعليم مما أنفقته على التسلح، لكان الوضع مغاير تماما لما نعيشه اليوم،  وخاصة المؤسسة التعليمية  التي تعيش وضع لا تحسد عليه،  ألم يحن الوقت بعد لنغير استراتيجياتنا من سباق نحو التسلح إلى سباق نحو التعلم ونساهم فعلا في التنمية البشرية؟ محاربة الجهل أولى من محاربة الفقر و الهشاشة. 
التركيز على التعليم أصبح ضرورة قصوى، من أجل تخليق الحياة العامة، وكذا محاربة كل السلوكيات المشينة المتفشية في مجتمعنا، و المساهمة في التقدم الاقتصادي للوطن، وإنتاج نخب قادرة على قيادة البلد و مجابهة كل التحديات، وإثبات الذات، وعدم الإحساس بالضعف و الصغر أمام الغرب، وعدم الاستنجاد  والتبعية العمياء لغاصب أرضنا.

رشيد أيت الطاهر

تعليقات

المشاركات الشائعة