عودة الاحتجاج إلى قطاع التعليم



بعد مضي أكثر من سنة شمسية من عمر الحكومة الحالية التي جاءت في سياق الحراك المغربي والعربي، وعلقت عليها فئات عريضة من المجتمع آمالا واسعة لمعالجة الإشكالات الحقيقية للبلاد وفق منهجية تشاركية وتوافقية وتجيب عن العديد من الأسئلة المجتمعية والاختلالات المرصودة التي تقر بها الحكومة التي رفعت شعار محاربة الفساد والاستبداد. 




في إطار دستور جديد 2011 الذي يعطي صلاحيات واسعة للحكومة في التدبير واقتران المسؤولية بالمحاسبة التي ستكون عسيرة هذه المرة بسبب تنامي الوعي والمتابعة الدقيقة للأقوال والأفعال معا لن يرحم حينها أي مقصر أو متهاون أو مخل بالتعاقدات السياسية والاجتماعية الكثيرة القديمة والحديثة.
في قطاع التعليم، وبعد أن سارت الحكومة السابقة في وضع خارطة طريق لحل الكثير من الإشكالات العميقة المرتبطة بتحفيز الموارد البشرية عبر عدد من الإجراءات أهمها:   
    _ إرساء نظام أساسي جديد في 2003، والذي جاء بعدد من المكتسبات حرصت بعدها الوزارة على التجاوب مع الكثير من المقتضيات التي رأى بعض الفاعلين ضرورة تصحيحها وتضمينها للنظام الأساسي.
_ فتح باب الترقي للكثير من الأطر بطريقتين:
*  رفع نسب الترقي من %22 إلى   %33 .
* الترخيص الاستثنائي لعدد من الفئات التي كان من المستحيل ترقيتها وفق هذه الآلية :كالمفتشين، أساتذة التعليم الإعدادي والابتدائي، السلم التاسع وحملة الشواهد العليا.
 - فتح باب تغيير الإطار لعدد من الأطر من هيأة التدريس إلى أعلى ومن هيأة التدريس إلى الأطر الإدارية استفاد منها الآلاف. 
 - فتح النقاش في الكثير من القضايا كإدماج التربية غير النظامية، ملف التكوين، المبرزين، الدكاترة، التعويض عن المناطق الصعبة، المساعدين التقنيين........
- بل امتد التفكير في مرحلة معينة نحو جبر الضرر لكل من تعرض للحيف في حياته المهنية. كما أقدمت الوزارة على تنفيذ الكثير من مقتضيات اتفاق فاتح غشت 2007 و26 أبريل 2011، تحقق الكثير لرجال ونساء التعليم في مجال تحسين الدخل وخلق الحوافز وعزمت الوزارة على التقدم بنظام أساسي أقوى من سابقه.
 تحقق كل هذا وفق منهجية الحوار التشاركي عبر آلية لجن تخصصية، تقنية موضوعاتية منفتحة لكل المتدخلين المهتمين والمعنيين شكلت إضافة مهمة في الحكامة التدبيرية والفاعلية أفلحت في حل الكثير من القضايا وأخفقت في أخرى لا يمكن أن ينكرها إلا أعمى البصر والبصيرة.
بعد عام من التدبير الحالي، يظهر أن التوتر عاد من جديد من خلال إقدام عدد من المركزيات النقابية والعديد من التنسيقيات الفئوية على تسطير برامج نضالية احتجاجا على عدم وفاء الوزارة بالالتزامات التي جاءت معها وأبرزها الملفات العالقة وأهمها: المساعدين التقنيين والمبرزين والدكاترة والتعويض عن المناطق الوعرة والخصاص الهائل في الموارد البشرية في التدريس وهيأة الإدارة والإدارة التربوية وما تبقى من اتفاق فاتح غشت و26 أبريل ...
بعد سنة من التدبير الارتجالي لم تعد الساحة التعليمية قادرة على الصبر أكثر وتنتظر أفعالا لا أقوالا ومنهجية واضحة التوجهات والآجال وإلا فإن حصان طروادة عصي على الإخضاع والمناورة والخداع.
وهو ما يستوجب القطع مع كل أشكال التدبير العقيمة المرتبطة في الكثير منها بقصر النظر والمقاربة السياسوية الضيقة في قطاع يحتاج إلى ثورة مفاهيمية بالنظر إلى المهام الموكولة إليه والأهداف الإستراتيجية المعلقة عليه. قطاع بنيوي للتنمية الثقافية والاقتصادية والحضارية للمجتمع.يحتاج إلى تعبئة قوية وانخراط الجميع في مسلسل الإتقان والجودة والجاهزية لإنجاز هذه الوظيفة.
هذه العودة المنتظرة للإرباك والاحتجاج تتطلب أن تتغلب فيه الحكمة والرزانة وتفادي كل أسباب التوتر ولا يكون ذلك إلا بالاستجابة لما تم الاتفاق عليه مع الفرقاء في واضحة النهار القهار بالعودة إلى النقاش المشترك لإيجاد الحلول العاجلة لتنفيذ ذلك والكرة في ملعب الطرفين:
  • الوزارة ومعها الحكومة التي ينبغي لها بناء تصور واضح لإصلاح المنظومة.
  • النقابات التي ينبغي لها أن تكون قوة اقتراحية مبدعة في إيجاد الحلول وصادقة في تبني المطالب المشروعة لرجال ونساء التعليم.
إدريس الشلوشي – المنسقية الوطنية للدكاترة

تعليقات

المشاركات الشائعة