الصحة المدرسية والجامعية في «غرفة الإنعاش»!





احتضنت العاصمة الادارية الرباط يوم الثلاثاء 16 ابريل الجاري، ورشة نظمتها وزارة الصحة، حول الصحة المدرسية والجامعية، كان الهدف منها تشكيل شبكة تضم مهنيي الصحة وممثلي وسائل الاعلام المختلفة المهتمين بالمجال الصحي، لتسليط الضوء على هذا الموضوع ومواكبته.

ورشة شهدت نقاشا صريحا، عرف التنويه بالمبادرة، لكنه لم يخل من انتقادات تتعلق بموضوع الورشة، لغياب خطوات عملية ملموسة في هذا الباب على مستوى الواقع، مما يجعل منه برنامجا نظريا في انتظار التفعيل!


الصحة المدرسية والجامعية برنامج مع وقف التنفيذ!

يوجد الأطفال بالمؤسسات التعليمية والشباب بالمؤسسات الجامعية في وضعية قابلة لتعرضهم لأنواع مختلفة من الأمراض، وذلك بحكم عامل السن الصغير بالنسبة للأطفال، وطبيعة التجمعات العددية للفئتين معا، التي تسهل انتقال الفيروسات. وتعتبر الرعاية الصحية أمرا ضروريا تفاديا لتداعيات متعددة الأوجه، سواء تلك المرتبطة بصحة الطفل/الشاب، أو لانعكاسها على التحصيل العلمي/الدراسي، مع ما قد يترتب عن ذلك من رسوب أو هدر مدرسي.


البرامج الصحية في الوسط المدرسي، من المفروض أن تهدف إلى تقديم مجموعة من الخدمات الصحية الملائمة، وتسطير أنشطة غايتها تنمية معارف وقدرات الأطفال والشباب، لتبني سلوكات معززة للصحة، وذلك من خلال تبني جملة من الخدمات الملائمة لاحتياجات وخصوصيات الفئات المستهدفة، بالإضافة إلى خطوات من قبيل إكساب العاملين في مجال الصحة المدرسية وخصوصا الأطباء والممرضين على حد سواء، لمهارات تمكنهم من إنجاز مهامهم لتعزيز الصحة، وكذا ضرورة التنسيق والتعاون والتكامل بين قطاعات الصحة والتربية والشباب من أجل الاستثمار وتدبير خدمات الصحة المدرسية.


وتتلخص خدمات الصحة المدرسية في الخدمات الوقائية والتربوية والعلاجية المقدمة داخل المؤسسات التعليمية، وعلى مستوى مؤسسات الرعاية الصحية الأولية من طرف فريق الصحة المدرسية، حيث من المفروض أن يستفيد تلاميذ التعليم ما قبل المدرسي بين 4 و 6 سنوات، وتلاميذ المستوى الأول الابتدائي والأول الإعدادي، من فحوصات شاملة تدون في الدفتر الصحي، فضلا عن القيام بزيارتين خلال السنة الدراسية لجميع المؤسسات التعليمية، من خلال طبيب وممرض للصحة المدرسية خلال الثلاثي الأول والثالث من السنة الدراسية. بالإضافة إلى اعتماد عدد من الإجراءات من قبيل مراقبة المطاعم المدرسية والداخليات، وأنظمة ومرافق التزود بالماء الصالح للشرب وجودته، أنظمة ومرافق التطهير السائل، وكذا التخلص من النفايات الصلبة، فضلا عن السهر على احترام قواعد الصحة الغذائية، وقواعد الصحة داخل أماكن سكن التلاميذ، وكذلك العمل على محاربة نواقل الأمراض المعدية والتخلص منها، والحفاظ على الظروف البيئية لمحيط المؤسسات التعليمية ....


الخطوات المفترض القيام بها في المؤسسات التعليمية للصغار، هي نفس التدابير التي يجب القيام بها في الوسط الجامعي، حيث يتعين على طبيب المركز الصحي الجامعي تنظيم الفحص خلال الثلاثي الأول من السنة الجامعية، ويشمل الفحص المبكر من أجل تشخيص الأمراض والاضطرابات قصد التكفل بها، جميع الطلبة القاطنين كذلك في الأحياء والإقامات الجامعية، على أن يشمل كذلك الأعوان العاملين بمصالح ومقاصف المؤسسات الجامعية. ويجب أن تجري هذه المراقبة بصفة منتظمة بكل المؤسسات الجامعية، مرة كل 6 أشهر بالنسبة للمرافق الدراسية، ومرة في الأسبوع بالنسبة للمطاعم والإقامات الجامعية وكلما دعت الضرورة لذلك.


خطوات مسطرة لم تمنع من حضور الاختلالات الصحية داخل الوسط المدرسي والجامعي، بفعل التباين في تفعيل ما سطر في دليل الوزارة الوصية على القطاع الصحي في هذا الصدد ما بين مؤسسة وأخرى، سواء منها المنتمية إلى المجال الحضري، أو بالنسبة لتلك المتواجدة في الوسط القروي والتي توجد في وضعية أفدح، إذ تكفي لحظة تأمل بسيطة للخطوات التي كانت تشهدها المؤسسات التعليمية في وقت سابق مع أجيال مرت من الوسط المدرسي، لتذكر شريط من الخطوات التي لايمكن المرور في الحديث عنها دون الوقوف عند الوحدات المتنقلة المجهزة بأجهزة الفحص /"الراديو" التي كانت رهن إشارة المتمدرسين، ودون استحضار تدابير أخرى لها صلة بأمراض العيون ... وغيرها من التدخلات التي أصبحت جزءا من الماضي، ليس اليوم فقط ولكن منذ سنوات. وفي السياق ذاته يكفي فتح نقاش بسيط مع المتمدرسين هنا وهناك، ومن خلال معاينة مجردة، ليتبين أن الخريطة الصحية منعدمة بعدد من المؤسسات التعليمية، في غياب مراقبة منتظمة لأطفال قد يعانون من أمراض متعددة، منها ماهو مُعد وما هو غير سار، في مقدمتها الطفوحات الجلدية المختلفة، وأمراض اللوزتين وأنواع الأنفلونزا والحمى التي قد تتطور إلى مينانجيت، وبالتالي تصبح كل الخطوات المسطرة هي عبارة عن ردود فعل وليست بمبادرات استباقية ووقائية. دون إغفال الحديث عن الموارد البشرية ووسائل وظروف الاشتغال، في وقت يعاني فيه الأطفال، اليافعون والشباب، من علل جسدية وأخرى نفسية بحدة أكبر، نتيجة لممارسات ومسلكيات مرتبطة بأجواء البيت، المؤسسة التعليمية والشارع، كلها تسهم في إنتاج أجيال سوادها الأعظم قد يكون عالة على المجتمع عوض أن يكون قيمة مضافة له؟




تعليقات

المشاركات الشائعة