الغش في الامتحانات






جيل من المغاربة كان يعي معنى الامتحان، حتى أنشد له قائلا: " عند الامتحان يُعَزُّ المرء أو يهان"، لكن الأمور تغيرت اليوم، فمع كل ما تحقق من تقدم تكنلوجي وثورة في مجالات التواصل والبحث، تردت في المقابل مردودية الأنظمة التربوية وصار المتعلمون أقل قدرة، وتدنى مستواهم التعليمي، وأعرضوا عن التحصيل الجيد. واسألوا الجيل الأول من الأساتذة ليحدثوكم عن حكايات ألف ليلة وليلة في التدريس: تلميذ يعجز عن صياغة جملة سليمة كتابيا أو شفويا، وأخطاء لغوية ونحوية بالجملة، ومؤسسات تعليمية خاصة تسخو بالنقط لتحفظ سفينة هؤلاء التلاميذ من الغرق وهي في طور الابحار.

حين يحين موعد الامتحانات، يشمر بعض التلاميذ عن سواعد الجد ويتهيأ آخرون بالتفكير في طرق "النَّقْل" مع تعطيل العقل، توازيهم وزارة التعليم بالاعلان عن إجراءات لمحاربة ظاهرة الغش، وياللأسف فالغش بنيوي وليس ظاهرة عابرة.


معظم أفراد المجتمع يغشون إلا القليل، في البناء وفي الصناعة والتجارة وفي الطرقات، بل حتى ثلة من الأساتذة – مع احترامنا للشرفاء- يغشون في الامتحانات المهنية وداخل الفصول الدراسية التي تتعطل فيها آلتهم عن الشرح، لتنشط من جديد في حصص الساعات الاضافية التي يسعون فيها إلى تكثير سواد الامة، كما تنشط "آلتهم الشرحية" داخل مؤسسات التعليم الخاص.


يتوجس الكثير من الأساتذة عند إسناد مهام الحراسة إليهم، خاصة من يحرسون المترشحين الأحرار، أو الذين يحرسون في مؤسسات تقع بأحياء هامشية مغمورة بالعنف والانحراف، وقد أسَرَّ لي البعض منهم كون المهمة صعبة وتكتسي طابع المغامرة خاصة أمام بعض المنحرفين الذين يلجون قاعة الامتحان مؤمنين بشعار: "أَنْقُل أو ربي كبير"، واضعا الحجابات في يمناه والاعتداء على من يحرسه أمام عينيه، بينما الأستاذ منشغل في التفكير بمن يحميه جسديا إن قام فعلا بالحراسة على النحو الأفضل .


محاربة ظاهرة الغش يجب أن تتجاوز المناسباتية، فالموضوع يدعو إلى تفكير عميق في مقاربة الظاهرة لتجفيف منابعها، ليقتنع التلميذ أنه يجب أن يناضل لتحسين مستواه الدراسي لا أن يكون هاجسه الوحيد النجاح فقط.
 




مصطفى باحدة











تعليقات

المشاركات الشائعة