ليس دفاعا عن الوفا
خلف الخطاب الذي القاه الملك محمد السادس يوم الثلاثاء الماضي بمناسبة حلول الذكرى الستين لثورة الملك والشعب، ردود فعل متباينة خصوصا ماجاء في الخطاب حول المنظومة التربوية، حيث إستغل البعض موقف الملك من الوضعية التي تعيشها المنظومة التعليمية، وهاجموا السيد محمد الوفا وحملوه المسؤولية في الوضعية التي آلت إليها، متجاهلين أن فشل التعليم في بلادنا راجع بالأساس إلى تراكم إهمال الأشخاص الذين تعاقبوا على رأس وزارة التعليم منذ عشرات السنين، وكذا سياسة توريث المناصب التي إنتهجتها مجموعة من الأشخاص الذين إستحوذوا رفقة عائلاتهم على المناصب العليا بالدولة وذلك "بتكليخ" أولاد الشعب و إرسال أولادهم إلى الخارج من أجل إتمام دراساتهم، وفي الوقت الذي تتلكؤ فيه حكومة بنكيران بالوقت في عدم تحقيقها لما وعدت به المغاربة، يأتي البعض ليحمل الوفا مسؤولية ما آلت إليه أوضاع المنظومة التربوية، مستغلين بذلك ملاحظات الملك التي لا يجب أن تخضع للمزايدات السياسية و لتصفية الحسابات الحزبية، وإذا كان الخطاب الملكي قد إرتكز بالأساس على غيرة محمد السادس على أبناء المغاربة فإن بعض التعاليق التي تقاطرت على فايسبوك بعد إلقائه لخطبته أبانت فعلا على أن معجم السياسة المغربية لا يحتوي على مصطلح "مصلحة الوطن".
خصوم الوفا إستغلوا ماجاء في الخطاب الملكي بخصوص وقف برامج الوزارت بانتهاء حقبة كل الحكومة، من أجل مهاجمة محمد الوفا و إتهامه بالدعوة إلى وقف المخطط الإستعجالي، متجاهلين أن هذا الأخير دعى فقط إلى الوقوف من أجل تقييم ماتم إنجازه على ضوئه، ولن يختلف معي أغلب رجال و نساء التعليم بخصوص القرارات الجريئة التي تم إتخادها من طرف وزارة التربية الوطنية إذ لم يسبق لأي وزير أن تجرأ على إتخادها من قبل، كما أنها جاءت نزولا عند رغبة غالبية رجال و نساء التعليم، فلماذا لم تتم الإشارة عبر التعاليق المسمومة إلى دعوة محمد الوفا إلى وقف العمل ببيداغوجيا الإدماج في التعليم الإبتدائي و التي رفضها معظم أساتذة التعليم الإبتدائي؟ ولماذا لم يشر العلماء المعلقون إلى مذكرة التوقيت المدرسى التي كان لها وقع إيجابي على الأساتذة و التلاميذ على حد سواء؟ محمد الوفا يعتبر أول وزير رد الإعتبار للمدرسة العمومية بعد رفضه الترخيص لبعض أساتذة التعليم العمومي العمل في القطاع الخاص إلا وفق شروط دقيقة، كما أن تنظيم إمتحانات الكفاءة المهنية و الإمتحانات الإشهادية... وتعيين الخريجين الجدد وفق جدولة زمنية مظبوطة لا شك سيساهم في الرفع من جودة التعليم الذي ورثه الوفا عن أسلافه، ناهيك عن الإجراء ات التي إتخدت من أجل محاربة التسيب و هدر المال العام بإرسال لجان تفتيش مركزية إلى عدد من الأكاديميات الجهوية. وكذا الكشف عن لائحة المحتلين للمساكن الإدارية والتي تضمنت أسماء وازنة، ولائحة الموظفين الأشباح، بالإضافة إلى الكشف عن أرقام الرخص المرضية لموظفي القطاع.
إن إصلاح المنظومة التربوية لن يتم بمهاجمة هذا الوزير أو ذاك، وإنما بتتبع المسار الدراسي للتلميذ منذ ولوجه إلى روض الأطفال حتى وصوله إلى الدراسات العليا، وبأخد العبرة من بعض الدول التي نجحت في الرفع من مستوى منظوماتها التربوية، وكذا بمحاربة بعض الظواهر التي تعتبر دخيلة على مجتمعنا المحافظ، فكيف لمنظومتنا التربوية أن تنجح و أينما مر أطفالنا يستمعون لأغاني المدعو "الخاسر" المليئة بالكلمات النابية، وكيف لتلميذة كانت تكتب على دفترها أغنية من أغاني الملقبة ب "خاطفة الرجال" بينما الأستاذ يشرح الدرس أن تنجح في مشوارها الدراسي؟ إن من أراد الخير لمنظومتنا التربوية وجب عليه أن ينادي بتحسين وضعية رجال و نساء التعليم لأنهم يعتبرون الدعامة الأساسية بدل مهاجمة شخص واحد لرفضه تعيين مستشارين و أعضاء ديوان من حزب معين حفاظا على المال العام.
عادل قرموطي
تعليقات
إرسال تعليق