الحل الوحيد والأوحد لاصلاح قطاع التعليم





تقاطرت مجموعة من المقالات والتحليلات حول أزمة قطاع التربية والتكوين مباشرة بعد الخطاب الملكي،والذي أكد فيه على أن هذا القطاع بوضعه الحالي يتجه نحو المجهول ونحو السكتة القلبية،وفي الحقيقة فماقاله الملك في حق القطاع كنا كنساء ورجال التعليم ممارسين داخل الاقسام ننبه اليه مرارا وتكرارا على الأقل منذ سنتين أو ثلاث سنوات خلت،وكان يقال لنا بأننا سلبيون وعدميون ولا نحمدالله وغيرها من الردود.

وقد اختلفت الحلول المقدمة للخروج من هذه الأزمة حسب الانتماء المهني او الاجتماعي لاصحاب هذه الحلول،فبعض الباحثين التربوين والمؤطرين يضعون ملف التكوين المستمر كحل لهذه الأزمة لأنه سيمكنهم من تعويضات سخية ومجزية،والبعض الآخر منهم يضع ملف تغيير الكتاب المدرسي كحل لأنه سيعود عليهم بتعويضات التأليف والمشاركة فيه،أما الادراة بشتى مراتبها فتضع ملف التضييق على الأستاذ وتكبيله بمجموعة من المذكرات الفوقية والتي ظاهرها الجنة وباطنها عذاب جهنم،وذلك حتى تستريح من ردود أفعال الأساتذة تجاه قرارات الادارة.

فكل هذه الحلول أتبثت عجزها وفشلها في معالجة أزمة التعليم،لانها تستثني حلقة مهمة بل وجوهرية في أي حل مرتقب لهذا القطاع،الا وهي الوضعية المادية والمعنوية للأستاذ،فكيف يتم ذلك؟

كلنا نعلم بأن التربية والتكوين تصنع داخل القسم،وأن الأستاذ هو المسؤول الاول عن هذه الصناعة،وان الصانع اذا كان غير مرتاح ماديا ومعنويا فستكون صنعته رديئة ودون جدوى ودون جودة،هذا ما يخبرنا به كبار المنظرين العالميين في ميدان الموارد البشرية،لهذا تتجه الفلسفة الحديثة لتدبير أي قطاع أو صناعة أو حتى الأسرة الى سياسة التحفيزات والتشجيع وتوفير المناخ الملائم لممارسة الفعل البشري حتى تكون هناك نتائج ايجابية وجيدة.

فكيف لأساتذة العالم القروي وهم يعانون الأمرين مع وسائل النقل وظروف السكن والمناخ القاسي،وغياب وسائل العمل،وكل هذا دون تحفيز مادي (فمثلا أستاذ العالم القروي يتقاضى نفس أجر استاذ يعمل داخل المجال الحضري)،فكيف لهؤلاء الأساتذة أن يعملوا بهمة عالية ونشاط كبير،أضف الى ذلك الصورة الذهنية التي أصبحت للأستاذ داخل المجتمع،والتي أعتقد بأن بعض اجهزة الدولة هي المسؤولة عنها،فكيف يعقل أن يتم الترويج وعلى نطاق واسع لبعض المخالفات (أخلاقية-اقتصادية-اجتماعية..) التي يرتكبها بعض الأساتذة ،في حين نعلم علم اليقين بأن كل فئات المجتمع (رجال الأمن-رجال القضاء-أطباء-ممرضون-مهندسون-رجال أعمال....) لهم نصيب من هذه المخالفات لكن لايتم تسليط الضوء عليها،أضف الى ذلك بعض الأفلام والمسلسلات المغربية والتي تشوه صورة الأستاذ حيث تعرضه في صور أو وضعيات غير جيدة،ونحن نعلم علم اليقين بأن جميع سيناريوهات الأفلام والمسلسلات تمر عبر مقصلة الرقابة الادارية قبل عرضها،فهل شاهدنا مثلا فيلما مغربيا يقدم صورة سيئة عن رجال الأمن؟

أما عن الوضعية المادية،فنعلم بأن وضعية الأستاذ خلال السبعينات أحسن بكثير من وضعيته الحالية،ليس حسب الأجرة،ولكن حسب نمط العيش بالمقارنة مع باقي الفئات الاجتماعية الأخرى،أما الآن فقد تم تقسيم وتشتيت الجسم التعليمي وخلق فوارق صارخة بينهم وداخل المؤسسة الواحدة،حيث نجد أستاذ يتقاضى ضعف مايتقاضاه زميله داخل المؤسسة الواحدة رغم أنهم يؤدون نفس المهام،بل هناك أساتذة شباب يتقاضون أجورا أكثر من أساتذة مشرفين على التقاعد وداخل نفس المؤسسة،اننا هنا لاننادي بالتساوي ولكن ننادي بالمساواة والعدل.

ان الحل الوحيد والأوحد للخروج من أزمة التعليم هو الاهتمام بالوضعية المادية والمعنوية لنساء التربية والتكوين من أجل تحفيزهم وتشجيعهم على العطاء والجد والمثابرة،أما غير ذلك من الحلول فلا تعدوا أن تكون صيحة في وادي عميق،بل لن تخدم الا جيوب ومصالح الذين يقدمون تلك الحلول وهو ما لا ينعكس على جودة التعليم،لان كل تلك الحلول ستتوقف أمام باب القسم،والأستاذ وحده هو من سيأذن لها بالدخول أم لا.

                                
                                                                              أوكسا عبدالله









تعليقات

المشاركات الشائعة