لا زالت الاعتداءات على رجال التعليم مستمرة
بين الفينة والأخرى تصادفنا فاجعة مفادها اعتداء بالسب والضرب والجرح هنا أو هناك على رجل من رجال التعليم . آخرها وليس الأخير منها, إقدام ولي أمر تلميذ يدرس بمجموعة الزعابلة بوحدة العزاوزة , والذي كان يعنف أصدقاء فصله بالشتم والضرب. وعندما استدعى الأستاذ ولي أمره متسائلا عن هذا السلوك العدواني الذي يميز تصرفات إبنه, وبعد مزايدة وأخذ ورد, وللعلم فإن سكان البوادي يصعب أحيانا التواصل معهم خاصة عندما تهيجهم بعض الجهات أو الفعاليات ضد رجال التعليم , نظرا لقلة تعلمهم ونظرا لنصرة أبنائهم ولو كانوا ظالمين . انهال الأب على الأستاذ بعداد ماء مفصول مباشرة على وجهه ليهشم أنفه.
إنها علامة من علامات التسيب التي ابتلي بها
مجتمعنا , من جراء انحطاط القيم وتراجع الاحترام لرجل التعليم بل أصبح مستهدفا كلما توفرت فرص لذلك إنها سلوكيات غريبة ومواقف عجيبة .
عندما يقدم تلميذ على ضرب أستاذه , وتزيد عجبا عندما يصبح العنف من طرف والده . فكيف لهذا التلميذ أن يعود لهذه المدرسة ؟ وكيف سيتمكن من تلقي الدروس في ظل سلوك والده المنحرف؟ وكيف سيشعر هذا التلميذ تجاه مدرسيه وأصدقاء فصله ؟ بل الأدهى والأمر من كل هذا , كيف سيواجه هذا الأستاذ المسكين البائس تلامذته؟
إنه ليس تلميذا منحرفا.وإنما سلوك أسرته وتهاونها اتجاه تصرفاته , هي التي دفعته الى مثل هذه السلوكيات الشاذة والعنف الذي فاق كل الضوابط . كثير من الأسر تعتز بولدها عندما يعنف أصدقاءه وتعتبره بطلا ومقداما , لكنها في الوقت نفسه تغتاظ وتهيج لتنتقم عندما يتعرض ابنها لعنف ما . إنها مفارقة غريبة.
لذا علينا تتبع مثل هذه الحالات ومحاولة معالجتها بالطرق التربوية التي تؤدي الى تصويب اعوجاج هؤلاء التلاميذ الذين يميلون الى العدوانية , ومحاولة إدماجهم داخل الفصول , بتنمية روح التعاون والتشارك في بعض العمليات والأنشطة المندمجة والموازية , وتحسيسهم بضرورة التسامح والعفو عند المقدرة , ليحس بالاطمئنان ويتجه سلوكه نحو العمل الجماعي الذي ينمي تقبله للآخرين بدل النفور منهم ومحاولة الاعتداء عليهم كلما وجد الفرصة لذلك.
… لكن أن يصل الأمر الى اعتداء ولي أمر التلميذ على الأستاذ والضرب الهمجي . أظن أن المسألة تتطلب من القضاء التعامل مع هذه الحالات بكل حزم وبتطبيق صارم للنصوص الواردة في القانون الجنائي . كما يستوجب العمل المشترك بين المتدخلين لتوعية المجتمع بضرورة الحفاظ على كرامة رجل التعليم صيانة لأبنائهم الذين يعتبرون أمانة توضع بين أيدي هؤلاء الأساتذة الذين قدموا من الحضر الى الفيافي بالبوادي وضحوا بكل ملذات المدينة من أجل لقمة عيش أصبحت تدوس على كرامتهم من مثل هذه التهجمات غير المسئولة , وفي ظل غياب الردع الكافي لمثل هذه التصرفات التي لا تمد الى الأخلاق وشيم المغاربة في شيء. لعلي أذكر الأخوة بأن المجتمع المغربي خاصة بالبادية كان يضع رجل التعليم في أعلى الهرم, لكنه وللأسف نسمع أو نقرأ بين الفينة والأخرى انحرافات واعتداءات على رجال التعليم , ليست من شيمنا ولا من تقاليدنا ولا من تعاليم ديننا الذي يقدر العلم والعلماء.
فهل من وقفة تأملية ؟؟؟؟؟؟
محمد المقدم
محمد المقدم
تعليقات
إرسال تعليق