إِصْلَاحُ مَنْظُومَةِ التَّرْبِيَّةِ وَالتَّكْوِينِ؛ مِنْ هُنَا يَبْدَأُ !
يمر قطاع التربية والتكوين بمفترق طرق فاصل وحاسم. فمنذ أن بدأ صناع القرار التربوي في المغرب يُمَلْمِلُون واقعه المزري، ويُلَمْلِمُون شتات مُزَقِه التي لا يجمع بينها أي رابط عليم ومعقلن، يخيط المقدمات بالمخرجات، ويؤسس للنتائج السليمة على الأهداف والمرامي والمرتكزات التي تعاقد عليها المسؤولون على القطاع، و بنوا عليها البرامج والمناهج، وجعلوها "ميثاق شرف" الفعل التربوي، وغاية الالتزام المهني وأُسَّه وفَصَّهُ؛ والمغرب التربوي ساحة للتجارب الإصلاحية المُكَلِّفَةِ، وميدان للفعل ونقيضه، والإصلاح وخلافه، حتى تحول، هذا القطاع المكلف، إلى بقرة حلوب لمن أراد أن يقتات من معاناة المغاربة مع الجهل والأمية، وقلة التربية والشغل؛ بل تحول إلى قطاع يعشش فيه الفساد والاستبداد بكل تلاوينه وأطيافه التي يعرفها عالم السياسة والسلطة. بحيث أضحت مشاريعه الإصلاحية، مشاريع للربح والاغتناء، من قبل أغلب المستشارين بخبرتهم فيه، أو المسهمين في إقامة صروح مؤسساته، أو بناء هياكله. كما تحولت العلاقات الهرمية بين مسؤوليه "التربويين"( !!!) إلى علاقات تمارس فيها كل أساليب التسلط والاستبداد و"العنهجية" المقيتة التي تعيدنا إلى العصور "القروسطية " البائدة !.
فالفساد والاستبداد صنوان لا يعدمان مكانا ولا ميدانا إلا عششا فيه، وانتشرا بين دروبه بقدر سقوط الناس في القابلية لهما، وقبولهم التعايش معهما. وميدان التربية والتكوين ليس في حِلٍّ-أبدا- من تعرضه لإشعاعات هاتين الآفتين المدمرتين. فقد انتقل الفساد والاستبداد بكلكلهما المخيف إلى أحضان حقل التربية والتعليم الذي ظل حقلا للشرافة والطهارة والخلق الرفيع، وحولاه إلى حقل للمنافسة غير الشريفة في عقد الصفقات، وتخويل الامتيازات غير المستحقة، وتمكين متواضعي الكفاءة العلمية والتربوية والمهنية من اعتلاء المسؤوليات الحساسة، والمناصب المؤثرة، والصلاحيات الاستثنائية، وإبعاد الغيارى المسكونين بحب العلم والتعليم عن مواقع التأثير، والتحكيم، وإصدار القرار.
فالفساد والاستبداد صنوان لا يعدمان مكانا ولا ميدانا إلا عششا فيه، وانتشرا بين دروبه بقدر سقوط الناس في القابلية لهما، وقبولهم التعايش معهما. وميدان التربية والتكوين ليس في حِلٍّ-أبدا- من تعرضه لإشعاعات هاتين الآفتين المدمرتين. فقد انتقل الفساد والاستبداد بكلكلهما المخيف إلى أحضان حقل التربية والتعليم الذي ظل حقلا للشرافة والطهارة والخلق الرفيع، وحولاه إلى حقل للمنافسة غير الشريفة في عقد الصفقات، وتخويل الامتيازات غير المستحقة، وتمكين متواضعي الكفاءة العلمية والتربوية والمهنية من اعتلاء المسؤوليات الحساسة، والمناصب المؤثرة، والصلاحيات الاستثنائية، وإبعاد الغيارى المسكونين بحب العلم والتعليم عن مواقع التأثير، والتحكيم، وإصدار القرار.
لقد تحول هذا الميدان إلى ميدان للحسابات السياسوية الضيقة، والمنافسات غير الشريفة على المناصب والمسؤوليات، وحول المجتهد الكفء إلى هَمَلٍ ينافس في حقل ملغوم ب"البيادق" القابلة للانفجار. وجعل للعطاء المُؤَسِّس، والاجتهاد الفضيل والمُقَدِّم، مكان الرَّفِّ. في حين هيأ للمطبلين والمزمرين باسم "الكبار"؛ مساحاتٍ معتبرةً في التعبير عن الرأي، وإبداء النصح والاقتراح، في المشاريع، والصفقات، والبرامج،...ثم الانتقال عبر أدراج المسؤوليات تَتْراً !
لقد تحول قطاع التربية والتكوين في مغرب اليوم إلى ساحة للتباري على المناصب "الغنية"، برغبة الاغتناء لا برغبة الإصلاح، و برغبة التسلط وإخداع "الهامات"، لا برغبة تحقيق النجاحات بسلطة التدبير، و إفادة التجريب. لقد أصبح المجتهد في هذا القطاع يشعر ب"حكرة" اللامبالاة ممن يهمهم الأمر من صناع القرار التربوي، وبفقدان الاندفاع نحو العطاء الناضج مع غياب التشجيع، مما حول الإبداع إلى عنصر غريب في ساحة الفعل التربوي؛ ممارسةً، وعطاءً فكريا.
فلعل من أولى "الانتباهات" المُؤَسِّسة التي يلزم المجلس الأعلى للتعليم(التكوين) في نسخته الحالية أن يلتفت إليها قبل السقوط في الإعلان المتسرع عن أي إصلاحات أو تجارب يكون لها القطاع حقلا تقلب مساره لتستنبت بصمات جديدة للتغيير تعيد إنتاج ذات التعثرات، والإخفاقات، والانتكاسات التي عرفتها "الإصلاحات" السابقة؛ هو إعادة النظر في مواقع التشكيلات البشرية التي تؤسس الهرم الإداري والتربوي للوزارة من أعلى القمة إلى قاعدتها. وذلك بإخضاع الجميع لإعادة التأهيل التربوي والتكويني وفق آليات ونُظُمُ تَتَبُّعٍ تربوية وبمعايير علمية دقيقة؛ بدءا بالمصالح المركزية للوزارة فالأكاديميات والنيابات، ثم الهيئات المواكبة والساهرة على التنفيذ المباشر للقرارات والتوجهات العليا المتعلقة بالجوانب الإدارية والتربوية والتكوينية من مفتشين، ومديرين، وكذلك المباشرين للفعل التربوي بين جدران الفصل التعليمي، المسؤولين عن المنتوج الآني للفعل التربوي – التكويني من أساتذة ومؤطرين؛ لتحييد الغث منهم؛ المربكَ لمسار الإصلاح، والعائقَ لأواليات التغيير السليم والمُؤسس، وذلك باعتماد معيار الكفاءة العلمية المؤهلة، والشهادة التربوية المستحقة، والتجربة الطويلة المتجددة- لا "الأقدمية" الفريدة المتكررة !!-، لعمليتيْ التقويم و "التحييد" !؛ كيما يتمكن الكفء المجتهد، والمبدع المخلص، المسكون بحب العلم والمعرفة، والمهموم بالعطاء الذي لا ينقطَعِّ؛ من المشاركة في العطاء، والإبداع، والإسهام الجاد والمسؤول في تنزيل الإصلاح، وإنجاح مساره.
نعم، لا بد من الرجوع خطوة إلى الوراء، لإعادة ترتيب البيت التربوي التكويني في شقه البشري، للبحث عن مكامن الخلل والقصور في أفعال الذين أؤتمنوا على تنزيل "الإصلاحات" لعقود من الزمن، وكلفوا ميزانية الدولة المغربية مئات المليارات من الدراهم دون جدوى ولا جودة، ثم استمروا في مناصبهم يلتهمون عائدات دافعي الضرائب، ويترقبون بزوغ "الإصلاح" بعد "الإصلاح" !!!
أجل...من هنا يبدأ الإصلاح !
صالح أيت خزانة
تعليقات
إرسال تعليق