إضراب 23 سبتمبر بين حتمية المشاركة وضرورة المقاطعة



أثار الإضراب العام المزمع تنظيمه الثلاثاء المقبل والمُعلن عنه من طرف النقابات الأكثر تمثيلية، موجة من تضارب الآراء بين من يرى ضرورة المقاطعة، بعدما فقدو الثقة والمصداقية في النقابات، وبين من يرى أنه لا مجال الآن للمزايدات في ظل الهجوم الشرس الذي تشنه الحكومة على مكتسبات الشغيلة والطبقة العاملة.
وحقيقة الأمر مرة، وضعتنا في حيرة من أمرنا، بين المطرقة والسندان نحن، هذا هو حالنا، أنتبع النقابات التي أتتنا اليوم بثياب الواعظين، أم نستحضر مآسينا و نعلنها جهرا ليس للثعلب دينا، ونترك لالة الحكومة تمرر مخططاتها وتزيد من مآسينا ونصلي الجنازة على أنفسنا ولا من ينعينا.

إن المتتبع للساحة السياسية والنقابية للمغرب سيلاحظ أن تاريخنا مبني على الخيانة، إذ يكفي أن تلمح في خطاباتك لرغبتك في التغيير و إرساء الديمقراطية من خلال الإطار الذي تنتمي إليه، حزبا كان أم نقابة حتى تتآمر عليك البيروقراطية من كل جانب؛ وبكل الوسائل التي تسخر لها إلى حين تصفيتك.
فكما فقدت فئة عريضة من المجتمع الثقة في الأحزاب السياسية بلبيرالييها ويسارييها وإسلامييها سحب الموظف المغربي الثقة أيضا في النقابة، الإطار القانوني الذي يمثله، باعتباره زاغ عن الدور الإستراتيجي المنوط به. 
لماذا؟
يكفي أن نستحضر تجربة الأساتذة حاملي الشهادات ، وسنرى هل فعلا النقابة تمثل الموظفين و تدافع عن حقوقه المادية والمعنوية أم أنها عكس ذلك.
في الوقت الذي تشن الحكومة حربا إعلامية على موظفي القطاع العمومي عامة ورجال التعليم خاصة، وتحملهم مسؤولية الأزمة، ملف التقاعد نموذجا نجد النقابات تضحك على الذقون وتفاجئنا ببيانات تنديدية نعرف حقيقتها جيدا، كيف لا وقد عايناهم عن قرب في مركز القرار، اقترحو على الحكومة الإقتطاع من أجور المضربيين، بعدما تجاوزتهم التنسيقيات التي تعتبر إفراز موضوعي للفساد الذي تعرفه بض الإطارات النقابية ورأوا في ذلك سبيلا للقضاء عليها، قامو أيضا بتوقيع المحضر الذي وضع حدا لمكسب الترقية بالشهادة، أضف إلى ذلك ما يحدث في المنابر الإعلامية مؤخرا ، بعض النقابيين سامحهم الله يلعبون دور الوزارة با امتياز ،عوض أن يقومون بإعلاء صوت الحق والدفاع عن حقوق الشغيلة يحملونها مسؤولية أي فشل فشل.
إنه لأمر طبيعي إذا اعتبرنا أن نقاباتنا هي البوق الدعائي للأحزاب السياسية، وأن أحزابنا لها نفس البرامج، الإختلاف يكمن فقط على مستوى الشكل أما المضمون فهو التطبييل لكل المخططات التفقيرية التي ترى في الموظف البسيط أرضا خصبة للتنفيس من الأزمة.
في المغرب اختلطت الأمور إذ لا يمكن أن تفرق بين النقابي والسياسي ، لا يوجد بين القنافذ أملس، الكل يبحث عن مآربه الشخصية ولو تطلب الأمر التحالف مع الشيطان ونيل نصيبه من الكعكة؛ بل حتى الشيطان بنفسه يتوفر على محامون يتقنون فن اللغو. لكن الإشكال المطروح، ورجوعا للموضوع السالف الذكر ألا وهو إضراب 23 شتنبر، كيف يمكننا أن نطرق باب كلا الطرفين خصوصا أننا نعرف جيدا ساكنيه، أنطرق باب الحكومة التي أجهزت على حقوقنا ونقاطع الإضراب أم نطرق باب النقابة التي باعت طموحاتنا ونشارك في الإضراب ؟
بين ذاك وذاك وعلى كل حل يوم الثلاثاء سيمر ونتائجه بينة، إلا أنه علينا أن نقوم بقراءة نقذية لذواتنا أولا لأن أزمتنا كما أشرت في إحدى المقالات، ذاتية ، وأن نعمل على تأسيس إطار يلتف حوله كل الشرفاء يكون همه الدفاع عن الشغيلة،ومبدأه تكريس الديمقراطية ومحاربة البيروقراطية.

 أحمد الغازي

تعليقات

المشاركات الشائعة