بنكيران والتعليم ولاد عبد الواحد كلهم واحد بقلم رشيد نيني



بسبب الإقبال الكبير على مدارس رئيس الحكومة الخصوصية في سلا، بدأ هذا الأخير يفكر في شراء المنازل المجاورة في الحي الذي وطن به مدارسه من أجل توسيع شبكة وفرع هذه المدارس. وفي الوقت ذاته بدأ «الجيش» الإعلامي والنقابي لحزب بنكيران معركة معلنة مع وزير التعليم رشيد بلمختار، بسبب ما يعتبرونها إهانات معلنة وكثيرة وجهها هذا الأخير لنوابه وممثلي نقابته، سواء في مداخلاته البرلمانية أو عبر الصحافة، كان آخرها قلبه الطاولة على المدافعين على اللغة العربية، والمتواجدين بكثرة في ديوان بنكيران، عندما نسب قرار تبني الباكلوريا الدولية لمحمد الوفا، وهذا ما سبب إحراجا كبيرا لهم، لأنهم حينها ابتلعوا ألسنتهم.
وقد كنا تكلمنا حول الطريقة التي اتخذ بها الوزير السابق قرار اعتماد هذه الباكلوريا، وهي طريقة أقرب إلى التهريب منها إلى قرار إداري شفاف، عندما استدعى في آخر السنة الدراسية لـ 2013، أي في يوليوز، سبعة نواب وسبعة مديري مؤسسات تعليمية، وأمرهم بفتح أقسام لهذه الباكلوريا بأي ثمن، لذلك سارع هؤلاء إلى الاتصال بأصدقائهم ومعارفهم لتجميع أقسام، لتنطلق الدراسة في شتنبر 2013، أي قبل التعديل الحكومي الذي جاء ببلمختار.
وطبعا حينها ابتلع نقابيو وحزبيو بنكيران ألسنتهم، مع أن هذه الباكلوريا ستطبق حرفيا برنامجا دراسيا فرنسيا، بل وستشرف عليه هيئة من المفتشين الفرنسيين التابعة للبعثة الثقافية الفرنسية، وعندما قال بلمختار مرارا إن قرار الباكلوريا الدولية، هو قرار اتخذ قبله، فمعناه أن الذي يتحمل المسؤولية هو رئيس الحكومة، وليس شخصا آخر، اللهم إلا إذا اتخذ محمد الوفا هذا القرار دون علم من رئيسه، فهنا نصبح أمام موضوع آخر.
علما أن اتخاذ الحكومة لقرار تبني الباكلوريا الدولية، يعد ضربا قاتلا لمبدأ الوحدة، كأحد مكاسب التعليم في مغرب الاستقلال، لكن إخوان بنكيران يقتلون الميت ولا يضيرهم أن يمشوا في جنازته ويتقبلوا العزاء فيه. فرئيس حكومتهم كان على علم باتخاذ هذا القرار، وفي نفس الوقت يصدرون عبر النقابة والجمعيات التابعة لهم، البيانات تلو الأخرى للتنديد به، ولم يجدوا غير بلمختار ليلصقوا به هذه التهمة، لسبب بسيط، تلخصه الآية الكريمة التالية أيما تلخيص: «قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول، وإنا لنراك فينا ضعيفا، ولولا رهطك لرجمناك، وما أنت علينا بعزيز».
لذلك فالكبت الخطابي الذي راكمه إخوة بنكيران على عهد الوفا، بدؤوا الآن يفجرونه، وقد كانت مناسبة اتخاذ بلمختار لقرار منع رجال و نساء التعليم من استكمال التعليم الجامعي، بمثابة الذريعة التي لطالما انتظرها هذا الحزب، نظرا للشعور المخزي بـ«الشمتة» التي يشعر بها منذ أن تيقن أنه يقود حكومة بدون تعليم، لكون صاحب حقيبة التعليم أعلنها في وجوههم مرارا، عندما أكد أن ملف التعليم غير معني بالأجندة السياسية للحكومة، وهي الحقيقة «اللي ماتسرطاتش» لحزب بنى «أمجاده» الانتخابية على أكتاف رجال التعليم، لذلك فقد استغل الجيش الإعلامي والنقابي للحزب هذه المناسبة لرد الصرف، للظهور بمظهر المدافعين على مصالح رجال التعليم، ونسوا السنوات التي كانوا فيها يمدحون ويهللون لقرارات وممارسات أسوأ بكثير.
اليوم، ولأن بلمختار أعلن موقفه من السياسيين والنقابيين، الذين يتحملون حسب رأيه كارثة التعليم، فإنهم «جبدو الجناوا»، وبدؤوا بمحاولات تنظيف سيرتهم المتواطئة ضد رجال التعليم، وقد زاد من حماستهم لذلك، تلك الصفعة التي وجهها لنقابة يتيم، عندما اتهم نقابييها بفقدان النزاهة الفكرية، وذلك في حوار مع إحدى الجرائد الوطنية مؤخرا، وعلل هذا الحكم، بكونه يستغرب من أن يأتي نقابيون للحوار معه، وعندما يخرجون من مكتبه يقولون عكس ما تم الاتفاق حوله. وكل الرأي العام ما يزال يتذكر حادثة على هامش ملف ما كان يعرف بـ«الأساتذة حاملي الشهادات»، حيث وعد نقابيو يتيم هؤلاء بحل المشكلة، عندما قالوا لهم بالحرف «على حسابنا، سيرو كونو هانيين»، وعندما وجدوا بلمختار ما يزال متشددا في موقفه بضرورة اجتياز المباراة، خرجوا من عنده، وانتظروا مغادرة بلمختار نحو أمريكا ليصدروا بيانا يقولون فيه إنهم حلوا المشكلة، معتقدين أنهم سيحرجونه، ليرد عليهم في أقل من 12 ساعة ببلاغ ناري.
ثم عندما تحدث بلمختار عن عزمه القضاء على التفرغ النقابي، لكون المتفرغين في نظره «أشباحا» يؤدون مهام لأحزابهم ونقاباتهم، وليس للمنظومة التربوية، فإن الحزب أحس فعلا بأنه إزاء محارب من طينة أخرى، لتندلع المعركة، ويبدأ تبادل لإطلاق النار، ويَخرج جيش بنكيران «كبته الكلامي» المخزون منذ «شمتة» التعديل الحكومي، وساحة المعركة كانت هي عدم السماح لرجال التعليم باستكمال تعليمهم الجامعي، مع أن هذا القرار، لم يكن بلمختار السباق لاتخاذه، بل هناك مذكرة واضحة موقعة من الحسن الداودي، يأمر فيها رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بعدم تسجيل الموظفين لديها، كان هذا في السنة الماضية، ومع ذلك لم يتكلم أتباع بنكيران أو ينددوا، لكن بمجرد أن جاء القرار من بلمختار هذه المرة، ركبوا الموجة كمحاولة منهم لاستغلال القرار لكسب ود رجال التعليم الساخطين من قرار التمديد من سن التقاعد، والذي اتخذته الحكومة، دون استشارة مع النقابات.
فما يجري الآن هو أن الحزب قرر أن يحول التعليم إلى ساحة لكسب النقط، لاسيما وأننا في سنة انتخابية، للظهور بمظهر «حامي المصلحة العامة»، مع أن العكس هو الصحيح، فبعد كارثة التجييش الذي أحدثوه في تركيبة المجلس الأعلى للتعليم، عندما سيطروا على أربع لجان من أصل ستة، ونظرا للإنزال الكبير الذي قام به الحزب، فقد استطاع الحزب أن يفرض في فئة الأطر التربوية والإدارية 16 مقعدا كاملة، دون الحديث عن الذين لبسوا عباءة المجتمع المدني والنقابة. لذلك فإن الحزب فاز بأربعة مراكز لمقرري اللجان دائمة، وهذه الصفة تتيح لصاحبها التواجد في مكتب المجلس، وهو أعلى هيئة فيه على الإطلاق، ويقرر في كل شيء، وهذا ما يريده الحزب. أما من جهة الفوائد المباشرة، فهناك فائدة مادية لأنها صفة مقرر هي مهمة « mission»، وهذا يدخل صاحب الصفة في خانة التعويضات وهذا بحكم القانون التنظيمي، وهي تحتسب بعدد الساعات التي قضاها وهو ينصت أو قضاها في مهام لها علاقة بصفته، وقد حددها القانون التنظيمي، مثلا الذهاب للبرلمان وحضور جلساته، بصفة مقرر لجنة، سيعني أن المجلس عليه أن يصرف تعويضا عن ذلك. بخلاف الأعضاء الآخرين والذين يعدون فقط متطوعين بحكم القانون أيضا.
وبعد كسب معركة المجلس الأعلى للتعليم، ها هم الآن يسعون لتجييش رجال التعليم ضد بلمختار، لعل وعسى يطمسون حقيقة خطاياهم في تدبير قطاعات كثيرة، ومن ضمنها التعليم طبعا، وسنعطي الأدلة الملموسة على أن هذا الحزب، ساهم ويساهم فعلا في الكارثة التي يعيشها التعليم الآن، بل إن بعض كبار النفاذين فيه، يعتبرون من أوائل المستفيدين من هذا الوضع الكارثي.
لكن قبل ذلك، وحتى لا نتهم بأننا أصبحنا ناطقين باسم رشيد بلمختار، أو الجهة التي يمثلها، نكرر ما سبق لنا أن كتبناه مرارا وتكرارا، وهو أن تواجد هذا الوزير في حكومة ما بعد دستور 2011 هو انتكاسة تتحمل الحكومة مسؤوليتها، فبدل الاجتهاد في تفعيل الدستور، والذي يؤكد على ربط المسؤولية بالمحاسبة السياسية، باعتبار هذا المبدأ، مدخلا لا محيد عنه لإرساء الحكامة، فإن حزب العدالة والتنمية، قبل أن يتم التراجع عن هذا المبدأ الدستوري الذي صوت عليه المغاربة بالإجماع، تماما كما قبل بأشياء كثيرة مضادة تماما لكل شعارات الحملات الانتخابية، عندما وافق على استوزار تكنقراطي يحتقر السياسة والسياسيين، فإنه عطل آلية من آليات تفعيل الدستور وهو مبدأ المحاسبة.
بل ونضيف أن بلمختار يشكل بمفرده انتكاسة في مجال تدبير ملف التعليم، لكونه كرس عادة سيئة بدأت منذ تجربة التناوب في هذا القطاع الحيوي، وهذه العادة هي «الناسخ والمنسوخ»، حيث بمجرد ما يأتي وزير معين، يلغي كل المشاريع التي فتحها سابقه، ويبدأ في التخطيط لأخرى، ولا يكاد يشرع فيها حتى يقع تعديل حكومي يطيح به.
وهكذا، فعندما جاء الحبيب المالكي ألغى بجرة قلم كل ما خطط له عبد الله ساعف، وعندما جاء خشيشن فعل الأمر ذاته، والأمر ذاته فعلته لطيفة العبيدة، التي اضطرت إلى أن تعيد النظر في كل مشاريع البرنامج الاستعجالي بمجرد أن انتزعته من خشيشن، وحرصت على وضع لمستها الخاصة فيه. وعندما جاء محمد الوفا ألغى هو أيضا كل مشاريعها، وها هو بلمختار يلغي هو أيضا كل قرارات محمد الوفا، فأي وزير يدخل لمقر باب الرواح، إلا وشعاره الوحيد الأوحد «أنا وحدي نضوي البلاد»، وبلمختار ليس استثناء في هذه العادة السيئة، والتي تؤدي في الأخير إلى تضييع الجهود والوقت، فيما المدرسة العمومية المغربية تحتضر، ويزداد وضعها سوءا يوما بعد يوم.

وبالعودة إلى خطايا، حتى لا نقول أخطاء، حزب بنكيران في حق التعليم المغربي، وذلك بمناسبة البيانات التي تقطر «حنانا ووطنية»، والتي يحاول فيها الحزب تحسين صورته الملطخة في هذا القطاع، وأيضا على هامش ذكر التفرغات النقابية، فإنه يكفي التذكير أن نقابة يتيم تحتل المرتبة الثانية من حيث عدد المتفرغين النقابيين، بل إن النقابة حصلت على تفرغات، لأشخاص حديثي العلاقة بالتعليم، كحالة نائب الكاتب العام للنقابة التعليمية مثلا، والذي لم تمر على عمله كمدرس إلا سبع سنوات فقط، ليحصل بقدرة قادر على صفة متفرغ نقابي، أي تقاعد قبل الأوان.
بل إن هذا الشخص ذاته خلق مركزا للبحث، واستطاع أن يحصل لأحد أصدقائه على تفرغ داخل هذا المركز بصفة «باحث»، مع أنه حاصل على شهادة الباكلوريا فقط، وأيضا حالة «مناضل» آخر، خصص صفحته على «الفايسبوك» لشتمي شخصيا بشكل يومي، هو أيضا متفرغ نقابي ويزاول مهنة الصحافة في جريدة «التجديد»، وحالة ثالثة لمتفرغ نقابي آخر، تم تكليفه بمهمة إدارية في المقر المركزي للحزب، دون أن نذكر حالات كثيرة من نفس النوع، وآخرون حصلوا على صفة إدارية يعرفها رجال التعليم بـ «رهن الإشارة»، أي أشخاصا تفرغوا للعمل مع جمعيات تابعة للحزب.
وسنرى هل سيسري قرار رئيس الحكومة، القاضي بإعادة «الملحقين» و«المتفرغين» لوظائفهم، بعدما امتنع عن إحداث مناصب جديدة في القطاع العمومي برسم قانون مالية 2015، أو أن ذلك يشمل الآخرين فقط. 
نقول هذا، ونحن نعرف جيدا بأننا عندما نتلكم عن موضوع التفرغات النقابية، فإننا نسائل في العمق أخلاق العمل النقابي والسياسي، بمعنى، فبدل أن يكون «إخوان بنكيران» بديلا للفوضى الحاصلة في هذا الملف، فإنهم يستفيدون منه، كغيرهم، لكنهم لا يملون من ممارسة النفاق عندما يدعون الدفاع عن الشغيلة، بما في ذلك الشغيلة التعليمية.
وهنا نجري مقارنة بسيطة تجعل القراء على بينة بما نقول، فمثلا حزب الاستقلال، والذي يعتبر الآن «الشيطان الأكبر» بالنسبة لإخوان بنكيران، يستفيد هو أيضا من «الفوضى» ذاتها، إذ يكفي أن نقول إن أغلب مفتشي الحزب، والبالغ عددهم 75 مفتشا، هم رجال تعليم وحاصلون على تفرغ نقابي، أي أنهم متفرغون نقابيا ولكنهم يمثلون الحزب وليس النقابة. وإذا استحضرنا هذه المعلومة البسيطة، وقارناها بالمعلومات السابقة، فإن الرأي العام لا يمكنه إلا أن يستنتج أن ولاد عبد الواحد كلهم واحد»، ولا داعي لتغليط الرأي العام والحرص على الظهور بمظهر الملاك الذي يحمي هذا الوطن.
وإليكم الكارثة الأخرى، ولنترك للرأي العام الحكم في الأخير، إن كان ما نقوله عن كون هذا الحزب، يستفيد من الفساد، ويمارس أسوأ ما في السياسة من «تكوليس»، ومع ذلك لا يتردد في ادعاء الصلاح.
فإذا عدنا إلى المجلس الأعلى للتربية والتكوين، واطلعنا على لائحة أعضائه، فإننا سنكتشف بسهولة سياسة الإنزال الممنهج التي مارسها حزب بنكيران، حيث طبخوا تمثيليات الفئات الممثلة لمختلف هيئات رجال التعليم، ليضمنوا حضورا قويا، سيوظفونه في التصويت في اللجان الدائمة للمجلس، حيث همشوا الكثير من الكفاءات، وعينوا «رجال ثقتهم».
وبالفعل، فإذا اطلعنا على لائحة اللجان الدائمة، سنجد أن هذا الاكتساح قد أسفر منذ الجلسة الأولى لمجلس عزيمان، عن انتخاب أربعة من إخوان بنكيران على رأس هذه اللجان، وأبرز هؤلاء محمد يتيم، والذي سانده إخوانه المكتسحون على رأس لجنة تتواجد فيها أسماء، لا تخفي معارضتها لـ«البيجيدي»، يكفي أن نذكر منهم «محمد يسف» الأمين العام للمجلس الأعلى العلمي، و«نور الدين الصايل»، المدير «المكردع» حديثا من المركز السينمائي المغربي، والعربي بن الشيخ «مدير مكتب التكوين المهني» وغيرهم، إذن محمد يتيم «هو الشافْ على هادو»، وأترك التعليق لكم.
أما «آمنة ماء العينين»، صاحبة «رايبي شوباني»، والتي دخلت بجُبة النقابة، مع أن هذه الشابة حديثة العهد بنقابة محمد يتيم، ونقابيو جهة سوس ماسة درعة يعرفون بالضبط تاريخ التحاق هذه السيدة الشابة بالعمل النقابي، حيث تم تهميش المؤسسين الفعليين وتم إسقاطها بالمظلة كممثلة نقابية، ليتم «انتخابها»، وهي الحاصلة على الإجازة فقط، على رأس «اللجنة  الدائمة للمناهج والبرامج والتكوينات والوسائط التعليمية»، والتي تضم نور الدين عيوش «مول الحانوت»، وعبد الحميد عقار والمحجوب الهيبة وأحمد بوكوس، وطبعا أترك التعليق لكم.
أما أغرب هذه التمثيليات، فهي أن ينتخب إخوان بنكيران شخصا هو «عبد الهادي زويتن» على رأس «اللجنة الدائمة لمهن التعليم والتدبير والتكوين»، فهذه اللجنة، والتي يفترض أن تقدم تصورا يحل معضلة تكوين الأساتذة، سواء في التعليم الخاص أو العمومي، تم انتخاب هذا الشخص على رأسها.
وبالعودة للذاكرة قليلا، فإذا رجع القراء لشريط الفيديو والذي يظهر فيه بنكيران يقدم كلمته بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، السنة الماضية، فإنهم سيجدون رئيس الحكومة يمدح هذا الشخص، أي عبد الهادي زويتن، ويقدمه بصفة المستثمر في التربية، ويدعو المتخرجين من سلك الإجازة المهنية بأن يقتدوا به، أي بأن لا يعولوا على الوظيفة العمومية، أن يغامروا بفتح مدارسهم الخاصة، ترى من يكون هذا القدوة؟ 
إنه عبد الهادي زويتن، أخ محمد زويتن، والذي يضمن لحزب بنكيران أصوات فقراء سلا، لكونه ممن يتقنون توظيف عمله الاجتماعي في خدمة الحزب في كل المحطات الانتخابية. لذلك فهو برلماني عن الحزب ممثلا لإحدى دوائر سلا، أما ما يجمع محمد وعبد الهادي فهو أنهما من كبار المستثمرين في المدارس الخصوصية في محور الرباط سلا والقنيطرة، حيث يملكان معا عشرات المدارس، من روض الأطفال إلى غاية الأقسام التحضيرية بعد الباكلوريا، حتى الآن «الله يسخر»، فنحن في بلد  ذي اقتصاد ليبيرالي، والاستثمار الخاص حق مكفول.
لكن ما لا يعرفه الرأي العام، عن عبد الهادي زويتن، وكل ساكنة القنيطرة تحديدا، يعرفون جيدا كيف يدير مدارسه الخاصة، حيث استطاع بنفوذه في أكاديمية جهة الغرب وكذا نيابة التعليم بالقنيطرة، بأن يضمن أرباحا طائلة من مدارسه، لكون أغلب المفتشين والمسؤولين الجهويين والإقليميين، والذين من واجبهم أن يراقبوا تطبيقه لدفاتر التحملات في هذه المدارس، هم إما عاملون لديه في الساعات الإضافية في «النوار»، أو يُدرسون أبناءهم في مدارسه بأثمنة رمزية، بل إن هذا الشخص يتحول أيضا إلى «فاعل خير» بين كل من يريد خلق مدرسة جديدة والجهات المسؤولة عن إعطاء التراخيص.
بل إن نفوذه الحزبي، مكنه أيضا من أن يضع «الأنابيك» تحت  تصرفه، ويكيف قوانينها وفق هواه، فمثلا، إبان حملة محمد الوفا ضد أرباب التعليم الخصوصي، والذي منعهم من الاستعانة بأساتذة التعليم العمومي، فقد اتفق مع هذه الوكالة على تشغيل مائة شابة وشاب من المعطلين، ليعقد اتفاقية مع مركز تكوين الأساتذة بالقنيطرة، لتكوينهم داخل المركز لسنة كاملة، وفق البرنامج التكويني الذي يستفيد منه أساتذة التعليم العمومي، وكان من بنود الاتفاقية، أن عبد الهادي زويتن ومن معه من أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي، يتعهدون بتشغيل كل هؤلاء، وفعلا أجري لهم انتقاء أولي شارك فيه المئات من العاطلين المساكين، والقادمين من مختلف مدن وقرى جهة الغرب، كما تم إخضاعهم لمباراة، بشقيها الكتابي والشفوي، ليلتحق هؤلاء بمركز تكوين الأساتذة، كطلبة أساتذة، وبعد سنة كاملة من «سِير وجِي» قصد التكوين، وبعد تخرج هؤلاء، وحصلوا على شهادات تخول لهم التدريس، تنكر لهم «السي زويتن» بحجة ضعف مستواهم، وهي القضية التي ماتزال فصولها مستمرة إلى الآن، ووصلت إلى مكاتب الوالي الجديد للقنيطرة زينب العدوي، وبالرغم من تدخل الوالي، فإن «الأنابيك» فضلت أن تدفن رأسها في الرمل بدل أن تلزمه باحترام بنود الاتفاق، لكون هذه الوكالة اخترعت قوانين تنتمي لعصر العبودية، سمتها «عقود الأنابيك»، وهي عقود تشبه «عقود الإذعان» التي تعطي الحق المطلق لرب العمل بأن يطرد عامله وقتما شاء.
وطبعا السي زويتن، العضو الهمام في المجلس الأعلى للتعليم، والذي تم وضعه على رأس لجنة مكلفة بالتكوين كما قلنا، فطن بعد انتهاء تكوين هؤلاء، أن «بُوعُو» والذي هو محمد الوفا، غادر الوزارة، لذلك «طْلْع للجْبَل»، وانقلب على الاتفاق، وبدأ يفاوض هؤلاء الخريجين واحدا واحدا، ليقبلوا العمل في مدارسه وفق شروطه هو، أي العمل كمدرسين براتب لا يتعد ألفين درهم، دون تعويضات عائلية ودون تغطية صحية، بل إن من الخريجات اللائي قبلن شروطه من يقمن بكل شيء: تدريس الأطفال وكنس قاعة الدرس ومرافقة التلاميذ في الحافلة إلى منازلهم، أما الذين رفضوا فإن منهم من حمل أمتعته وعاد لقريته، أو عاد لمهنته الأصلية، كسائق تاكسي أو عامل في معمل أو نادل مقهى، لأن «السي زويتن» تحميه «قوانين الأنابيك»، والتي تخول له بأن يحمل دائما سيف ديموقليس ويهدد بطرد كل من يخالف أوامره.
والسؤال هل هذا هو النموذج الذي يطالب بنكيران الشباب المغربي بأن يقتدي به؟
والآن بعد أن دخل هذا الشخص المجلس الأعلى باسم «الشراكة» مع التعليم الخصوصي، بل وتم «انتخابه» على رأس لجنة دائمة في المجلس ذاته، هل يستطيع لجهة ما، مهما كانت، أن تقول اللهم إن هذا منكر، وتوقف الممارسات التي يقوم بها في حق عامليه، والتي يمارسها في حق الأسر المجبرة على تعليم أبنائها في التعليم الخصوصي بسبب فشل المدارس العمومية؟
أليس استمرار هذا الشخص في ممارسة كل هذا رهين باستمرار فشل المدرسة العمومية؟ وهل من مصلحته أن يقدم حلا يؤدي لنجاح إصلاح المدرسة؟
طبعا الجواب واضح، فكما أن لكل حرب أغنياءها، فإن هذا الشخص، والحزب الذي يمثله ويحميه، من أكبر أغنياء حرب التعليم، لأنه ببساطة هؤلاء يربحون عندما تخسر المدرسة، فهل من المنطق يا ترى أن نكلفهم بإصلاحها؟


تعليقات

المشاركات الشائعة