مختصون في الشأن التربوي والإجتماعي ينبهون إلى أسباب "حادثة محاولة اغتصاب فتاة بحافلة"





انتشار فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي لبعض الأشخاص وهم يحاولون انتزاع ملابس فتاة في حافلة للنقل العام بالدار البيضاء، أعاد طرح السؤال العلمي القادر على تفسير هذا السلوك الشاذ وغير الإنساني.

الجرموني.. مشكل فقدان البوصلة

قال رشيد الجرموني، الخبير في الشأن التربوي والإجتماعي، إن هذا السلوك السلبي الذي وقع بالحافلة، مرتبط بمشاكل اجتماعية واقتصادية وتنموية، متزامنة مع تحول كبير في القيم، مشددا على أن هؤلاء الفاعلين هم أشخاص يفتقدون لقيم منسجمة ويعيشون لحظة ضياع وفقدان للبوصلة، إنهم بدون هوية محددة.

وذكر الجرموني أن هذا سلوك دال على كبت جنسي ناتج عن ضعف احتضان الأطفال مت طرف الأسرة، وضعف التنشئة الاجتماعية السوية، بل إن مثل هؤلاء عادة ما ينقطعون عن المدرسة، ويجدون أنفسهم في الشارع، في فراغ وهشاشة.

من جهة أخرى، قال المتحدث إن مثل هؤلاء اليافعين أو المراهقين، حين يجدوا أنفسهم بدون مستقبل، وحين لا يعيشون في حالة سواء، وحين تغيب النظرة السوية للطرف الآخر، وحين تكون الحافلة في وضع مخل بكرامة الإنسان، فإنهم يستغلون الوضع لممارسة التلصص وجريمة الاغتصاب الجماعي، وكأنهم ينتقمون من الظروف والأوضاع.

الشعباني.. حادث دال على خلل عام

من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع، علي الشعباني في تحليله لما وقع، إن مثل هذه الحوادث مبينة على السياق العام السياسي والثقافي والاجتماعي والقيمي، لأن كل هذه الأشياء أصابها الخلل، وأوضح "نحن نتحدث هنا عن تعاقب الأزمات الاقتصادية التي تسببت في كثير من المعضلات الأخرى كالتهميش والإقصاء وبروز الفوارق الاجتماعية، ناهيك عن أزمات منظومة التربية".

وذكر الشعباني أنه حين تجتمع هذه الأشياء فإنها تولد في الإنسان مجموعة من الأحقاد والعقد وأنماط من الكراهية. وشدد المتحدث على أن مما يسهم في بروز مثل هذه الأحداث، هو ما نلمسه من الابتعاد عن القضايا التي تحصن الإنسان، كالدين والعدالة الاجتماعية والأخلاق، فهذه الأشياء، يقول الشعباني، حين تصاب لابد أن يقع الانفلات.

ما الحل؟...

يرى الجرموني في جوابه عن الحلول العاجلة لمثل هذه الحادثة، على أهمية إصلاح منظومة التربية والتكوين، وكذا إعادة النظر في أنماط التنئية الاجتماعية، دون أن نغفل أهمية أن تقوم الجماعات المحلية بالاستثمار في وسائل نقل عام تحترم كرامة المواطن، بما من شأنه أن يغير سلوك الإنسان في تعامله معها.

كما أكد على أهمية الاهتمام بالفئات المهمشة والهشة في المجتمع، والتي تعيش أوضاعا صعبة، فمنها يخرج شباب لا يقرأ ولا يعمل وليس لها مؤهل مهني، وبهذا نحن نخلق مجتمع من المجرمين.

وأضاف "كما يجب الاستثمار في المساعدين الاجتماعيين والنفسيين"، منبها إلى أنه في بعض الحالات المشابهة أو القريبة لما وقع "لا تحتاج إلى السجن بل تحتاج إلى المعالجة والمصاحبة".

من جانبه، قال الشعباني إنه لمعالجة مثل هذه السلوكيات والظواهر، يجب محاربة الانتهاكات الاقتصادية والظلم السياسي، كما يجب العمل على محاربة الفقر الاجتماعي والثقافي وانعدام الوعي لدى الشباب واليافعين.

وتابع، يجب كذلك التركيز على المنظومة الثقافية والتعليمية، وذلك بالعمل على أن نحصن الإنسان ثقافيا ودينيا وأخلاقيا، وهذه هي المسألة الأساسية التي لا ينظر لها كثير من التيارات الأخرى وتهملها رغم أهميتها في معالجة مثل هذه الظواهر.

وأوضح الشعباني أن "الإنسان حين يخاف الله يقي نفسه من الوقوع في هذه الأشياء، لكن حين تتساوى عنده الأمور يستسهل هذه الجرائم، ويصبح عنده عرض وشرف بل وحياة الآخر ليس لها وزن كبير، ولا يرى من أثر كبير عليه إن هو دخل السجن أو بقي في الخارج، لأنه أصلا يعاني من اختلالات كثيرة هي ما تطرقنا إليها سابقا"، يقول المتحدث.

عن موقع pjd

تعليقات

المشاركات الشائعة