إسناد مناصب المسؤولية و"البحث المحيطي" ما بين وزارتي الداخلية والتربية الوطنية ؟!!




إسناد مناصب المسؤولية و"البحث المحيطي" ما بين وزارتي الداخلية والتربية الوطنية ؟!!


إقصاء كفاءات تتمتع بمميزات تؤهلها للقيادة من تقلد مناصب المسؤولية مركزيا وجهويا وإقليميا أمر جار يحدث بين الفينة والأخرى على مستوى قطاع التربية الوطنية.
وفي هذا  الخصوص، أفادت المصادر أنه من الأمور المحزنة والمؤلمة أن تسمع خبرا عن إسناد منصب في الإدارة المركزية أو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية التابعة لها المنهارة إداريا وتربويا إلى الأقل جدارة وكفاءة، بدليل ما جاء في مضامين خطب ملك البلاد الذي ما فتئ يقدم توجيهات وإشارات للمسؤولين على قطاع التعليم.
 وأوضحت المصادر أن المزعج أن يكون اختيار المسؤول على أسس ومفاهيم تندرج تحت المحسوبية أوالزبونية أوالنقابية أوالحزبية أوالمصاهرة ونحوه، فخذ مثلا تعيين المحتل الرتبة الثالثة حسب لجنة الانتقاء النهائي وإقصاء المحتل الرتبة الأولى والمحتل الرتبة الثانية، أو عدم تعيين المحتل الرتبة الأولى وبقاء المنصب شاغرا، وليت الإبعاد فقط كان نصيب هؤلاء بل البعض منهم يشاع عليه أن سبب إقصاءه ما يصطلح عليه " البحث المحيطي السلبي".
وتقول المصادر أن المضحك والمبكي حينما ترى المسؤولين المركزيين في القطاع البائس يصدرون بلاغات أقل ما يمكن القول عنها أنها مبالغ فيها إلى حد "النكتة"، والحقيقة لا يستغرب أحد من وجود اختلالات عميقة بالقطاع وبصورة لم يسبق لها مثيل ما دام المسؤولون عن اختلالات البرنامج الاستعجالي 2009/2012 متحكمون في منظومة التربية والتكوين.
وأكد لنا مصدر آخر أنه تقدم بشكاية عبر البوابة الوطنية للشكايات إلى وزارة الداخلية بخصوص "البحث المحيطي" المرتبط بإسناد مناصب المسؤولية، لما لحقه من ضرر جراء تصرف صادر عن الإدارة، مخالفا للقانون ومنافيا لمبادئ العدل والإنصاف، بعد مراسلته عبر السلم الإداري لوزارة التربية الوطنية ورئيس  الحكومة، وقد جاء رد وزارة الداخلية أن الموضوع خارج الاختصاص، مما جعل المشتكي يرد بدوره عن الوزارة  كالتالي : >>وما راسلتكم في شأنه أدرك تماما أنه هو أمر ليس من اختصاص هذه الأخيرة، كما أنني أعلم جيدا أن "البحث المحيطي" أو "البحث الولائي" هو من صميم اختصاص مصالح وزارتكم( دياجي) التي تحيله على المصالح المركزية للوزارة المعنية.السيد الوزير المحترم كان أملي أن أتلقى جوابا منطقيا واضحا صريحا ومقنعا عملا بما جاء في الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح البرلمان بتاريخ 14 أكتوبر 2016<<.
وتجدر الإشارة أن "البحث المحيطي" يفترض أنه لا يوجد أية علاقة بين المجرى عليه والقائم به، ويكون في حالات حصرية ولا يجوز "بحث محيطي" إلا حيث أن يكون هناك ما يستدعي الأمر لذلك، وهو الحال في إسناد مناصب المسؤولية، وفي هذه  الحالة يباشر المعنيون البحث تلقائيا وبصورة غير علنية ويقومون بجميع التحريات التي يرونها مفيدة وتصب في المصلحة العامة. ولربما المسؤول عن "البحث المحيطي" يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في التحري، لكن في إطار دولة الحق والمؤسسات مقيد في ذلك بقواعد الإثبات المقررة قانونا، ومبدأ الحياد، ويتعين هنا إلى عدم وجود أي مواجهة أو شنأن بينه وبين المجرى عليه.
وقسم الشؤون الداخلية بالعمالة مرفق عمومي يمول من المالية العمومية، ولكن لكون الموظف المسؤول عن "البحث المحيطي" موظف عمومي( السلطة التنفيذية) أهل للثقة، فانه يجب عليه أن لا يسجل عنه تعسفا أو شططا في استعمال السلطة، وهو ليس معفى من المساءلة عن التقصير في أداء المهام المنوط بها، ربطا لمبدأ المسؤولية بالمحاسبة التي نص عليها دستور 2011، حتى لا يتم تغليب المصلحة الذاتية أو الشخصية في إدارة المرفق العمومي.
والمتتبع للأحداث التي مرت على منظومة التعليم المنهكة يرى أن اعتماد أسلوب إسناد مناصب المسؤولية المبنى على غير الشرعية والاستحقاق والموضوعية هو من كان خلف استفحال الاختلالات وهدر المال العام وتعطيل فعلية الإدارة في قطاع التربية والتكوين مما عكس هذا الواقع صورة من التردي والتخلف وعدم ارتقاء العمل للصورة المنشودة  للمدرسة العمومية، والمتتبع للأخبار يرى كذلك أن أغلب حالات الاختلالات التي تم ضبطها أكدت أن من كان وراء هذه التجاوزات جهات معروفة بتسلطها على المناصب الإدارية، وبالتالي مسكت زمام الأمور وعاثت في الذي يكون تحت إطار الفساد الإداري التربوي .
ويقول فاعل تربوي، للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي أنهكت ميزانيات التعليم خلال سنوات متوالية بسوء التدبير والتسيير والاختلالات والإفساد بهياكل إدارة التعليم، فالدعوة موجهة إلى فتح المجال أمام الكفاءات النزيهة لتولي المسؤولية  فهم الأجدر بإدارتها، وبخلافه فلا مصلحة ولا منفعة تأتي من لجان تقصي الفساد الإداري ما دامت المصالح الشخصية والحزبية والقبلية والنقابية والعائلية هي الحاكمة والمهيمنة في الدوائر الحكومية والتسبيب ب"البحث المحيطي السلبي" هو النفاذ المعجل. وأما حال الكفاءات المهنية سيكون بين مطرقة  استمرار مسؤولين عن اختلالات البرنامج الاستعجالي وما سبقه، وسندان الفساد والإفساد، وما عليهم سوى التسليم والرضا بواقع الحال وعلى مديريات مركزية وأكاديميات جهوية ومديريات إقليمية وأقسام ومصالح وزارة التربية الوطنية السلام.
محمد جمال بن عياد







تعليقات

المشاركات الشائعة