تنزيل برامج طموحة بقطاع التعليم تستلزم إبعاد كل مارق عن العمل الملتزم به أمام عاهل البلاد




في خطوة أخرى غير مضمونة تعكس منطق البهرجة الذي يحكم الوزارة كما يحكم أكاديميات جهوية ومديريات إقليمية، أقدمت وزارة التربية الوطنية، على إصدار مذكرة رقم 020*19 بتاريخ 12 فبراير 2019 موضوعها "تتبع برنامج العمل الملتزم به أمام صاحب الجلالة"، واكتفىت كما جرت العادة مرات عديدة في تاريخ الوزارة منذ الإعلان عن ميثاق التربية والتكوين، بكلام لا يتجاوز إيصال المعلومات والتعبير عن الأفكار، في غياب مسؤولين بريئي الذمة من هدر ملايير البرنامج الاستعجالي، والتلاعب في إسناد مناصب المسؤولية.
وقال متتبع، من هنا فإن الخطأ الوبيل الذي يتجاوز حدود المعقول والمنطق، هو عدم قيام أولي البصائر والألباب، بالكشف عن الأسباب المحورية الفاصلة التي كانت وراء التخبط، والاضطراب والتخليط الذي يعيشه القطاع، والتناقض في القرارات التي تردى فيها، ثم من بعد الكشف عن لائحة المسؤولين الحقيقيين المتورطين في الاختلالات الكبرى (عملية توظيف هيأة التدريس نموذجا) ومواطن الخلل يوضع خطة شاملة لمراجعة المناصب العليا كافة ومراجعة غيرها من جوانب المهام والاختصاصات على أساس الدراية جنبا إلى جنب مع من هم أهلا للمصلحة العامة.
ويضيف المتتبع، فإن القضية التعليمية بالمغرب، في الأمس القريب واليوم، ليست هي تتبع البرامج وتعزيز الإجراءات وترسيخ توزيع المهام واستحضار النهج التعاقدي، فذلك لا يفيد القطاع، ولا يقدم شيئا على طريق تشكيل لجن مركزية أو جهوية أو إقليمية، ولا يفيد كذلك في عملية تحرير عقلية "المصلحة الشخصية" من الخطأ والانحراف والسخافة، وإعادة بناءها على محاور العمل الطموح والفعال والمنتج.
وأردف المصدر نفسه، بل لعله يشغل بال كثير من نساء ورجال التربية والتكوين وآباء وأمهات وأولياء التلاميذ عن المبدأ الأساس، مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويردهم ثانية إلى متاهة ميثاق التربية والتكوين والبرنامج الاستعجالي، وهذا لن يؤدي إلا إلى المزيد من الترهل والتمترس وراء الباطل والضلال المبين.
وصرح المصدر، أن قضية تنزيل برامج العمل الطموح والدعم الاجتماعي وتحقيق الملائمة بين التكوين والتشغيل والذي يستمد مضمونه الأساسي من التوجيهات الملكية، هي إيقاظ عقل المسؤولين وتحريره وتصحيح موازين الفكر و الإدراك لدى الوصيين على القطاع خاصة، وليس السبيل إلى ذلك إلا بمساءلة ومحاسبة المتورطين والمتهمين في فشل المنظومة التربوية وهدر الملايير من الدراهم التي رصدت للبرامج السالفة.
وحين تعتبر المساءلة والمحاسبة ضرورة مصيرية في هذا السبيل وخاصة في موضوع برنامج العمل الملتزم به أمام عاهل البلاد، فإنه لا يعني القفز على تجاوز الأخطاء الجسيمة والإخلال بالالتزامات المهنية التي سجلت في حق مسؤولين مركزيين وجهويين، بل يعني أن يعزز التحقيق وإجراء البحث مع كل متورط كيفما كان موقعه أو مهامه، حتى يضمن استمرار "دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي".
ولا يعني بعملية تصحيح القطاع وتطهيره، وخاصة في مجال تحمل المسؤولية المركزية أو الجهوية أو الإقليمية العمل ب "عفا الله عما سلف"، انسياقا وراء الهوى أو المزاج أو تبادل المصالح أو مسايرة للظروف على حد زعم المشبوهين من المسؤولين في الفساد، بل يعني ضرورة وجود قواعد ضبط صارمة في موضوع تنزيل برامج العمل تحول دون العبث بمصلحة أبناء الشعب، كما تعني كذلك أن من يتخذ من "عفا الله عما سلف" ذريعة لإسقاط مسؤولية فشل المنظومة التربوية وهدر المال العام إجمالا وتفصيلا ما هو إلا مارق عن العمل الملتزم به أمام ملك البلاد، مخرب هدام لقطاع التربية والتكوين.
محمد جمال بن عياد

تعليقات

المشاركات الشائعة