وزارة التربية الوطنية الهشة، ومخاوف على مستقبل المدرسة العمومية
هناك منظمات دولية مختصة وبإمكانيات الاتصال الحديثة تزيل الستار على أكاذيب الحكومات على شعوبهم، وكل بلد أصبح شبه مفتوح لمعرفة حقائق الأوضاع الداخلية رغم محاولة التغليط من بعض المؤسسات الحكومية والتي تظل تردد الأكاذيب والنفخ والتهليل في مشاريع "التنمية"والاستراتيجيات الوطنية لل"إصلاح".
ولكن الحقيقة المرة تظهر في تقارير المنظمات الدولية وتكشف عن هشاشة الدول، ولقد وضع مؤشر الدول الهشة لسنة 2019، المغرب في خانة الدول ذات "ذات تحذير عال"، بحيث هوت عوامل عدة، مثل تفشي الفساد، التظلمات الاجتماعية، ضعف الثقة في المؤسسات لدى المواطنين، في مؤشر الدولة الهشة إلى درجة غير مشرفة.
والهشاشة في كثير من المجالات ( التعليم، الصحة، ...)هذا واقع لا يمكن إخفاءه، الاحتجاجات والمظاهرات والنزول إلى الشارع مستمرة وتنتشر، لأن الحكومة وبكثرة عناصرها الذين يستنزفون مالية الدولة عاجزة عن إيجاد الحلول لمشاكل المواطنين، وتغض الطرف عن الريع ومصلحة المتنفذين وأصحاب القرارات الإدارية الذين يزدادون ثراء ليس بعملهم بل بأشكال الريع، وفق تعبير المصدر.
ولم يرى من هذه الحكومة وسابقتها إلا "الريح والعنترية والتماسيح والعقارب"، ومزيد من القروض وتراكم الديون والإفراط في مصاريف البذخ والامتيازات، ومهرجانات أينما حللت وارتحلت، وكل مرة تنافس لتنظيم كأس العالم لكرة القدم ولعقد المؤامرات التي لا صلة مباشرة وغير مباشرة بشؤون حياة المواطنين، وأينما حللت بقطاع حكومي أو مؤسسة عمومية إلا وتجد استراتيجيات لا يفهمها إلا واضعوها ولا أثر لها على أرض الواقع إلا في الكراسات والعروض والندوات والورشات، يضيف المصدر.
ويقول المصدر، أن الوطن بصدد منظومة تدبيرية وتسييرية في كثير من القطاعات الحكومية لديها كفايات ضعيفة على القيام بوظائف الحوكمة الأساسية وتفتقر إلى القدرة على الارتقاء بالأوضاع المعيشية، وحتى لا يذهب بعيدا عن الهشاشة، فلم يعرف قطاع التربية والتكوين أزمة كبيرة كالتي يعيشها حالياً، وتبدو القضايا السابقة التي عرفها باهتة، قياساً إلى حجم المخاطر التي في طريق مجهول العواقب، واليوم هناك أزمات بالقطاع متتالية يفترض بالمسؤولين التعامل معها بصراحة، لمعرفة الأسباب والمسببات التي ستعصف بالكل إلى المجهول.
وتكونت لدى فاعلين تربويين قناعات بأن الأطراف الأساسيين والرئيسيين في التدبير والتسيير لهذا القطاع لا يتعاملون مع هذه الأزمات بالشكل المطلوب و الناجع وكأنهم على بينة حقيقية من هذه المخاطر، التي إن كان لها من مردود إيجابي على الوضع، فهو إبقاء المتورطين في الاختلالات الكبرى التي يعرفها وعرفها القطاع على قيد المسؤولية رغم كم الخفقان والفشل.
ويذكر المصدر، أن الإبقاء على مسؤولين بعينهم على كرسي المسؤولية يمثل أحد الأسباب في فشل محاولات الإصلاح، التي تنقسم القوى السياسية والنقابية والحقوقية حولها وقيل فيها الكثير، بين داع إلى التعجيل بالمساءلة والمحاسبة بعد توقيف المتورطين في فشل المنظومة التعليمية، رافضين التراجع عنها، وغاضين الطرف لإبقاء هؤلاء على كرسي المسؤولية، ومنهم حزبيون ونقابيون و متحكمون في شؤون البلد.
وأشار المصدر، أن أي إستراتيجية وطنية لإصلاح التربية والتكوين في دولة هشة تستدعي تقييما وتشخيصا للوضع السائد بخصوص مصادر الهشاشة بعيدا عن "الشوفينية"، كما يجب أن تتضمن الإستراتيجية الوطنية لإصلاح التربية والتكوين نظاما لرصد المفسدين والفاسدين الذين يواجهون الإصلاح وفقا لمجموعة من المعطيات والوقائع والحقائق غير المزيفة، وينبغي أن تحدد هذه الإستراتيجية الوطنية مقاربة لتزويد صناع القرار والجهات الرئيسية المعنية بالإصلاح بالمعلومات الحقيقية اللازمة لاتخاذ القرارات الصائبة، وليس العبثية.
محمد جمال بن عياد
تعليقات
إرسال تعليق