لا فائدة من خلاصات العمل الرقابي للمحاكم المالية بقطاع التربية الوطنية في غياب مساءلة ومحاسبة المتورطين في هدر المال العام والتلاعب بالمسؤولية




في إطار لقاء تواصلي مع مسؤولي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي يومي 24 و25 يوليوز الجاري بالرباط تم الإشارة إلى مهام واختصاصات المحاكم المالية حيث رقابة استعمال الموارد العمومية، ورقابة نتائج أو أداء الأجهزة العمومية أو من في حكمتها، ورقابة على ممتلكات الأشخاص، بالإضافة إلى إخبار السلطات العمومية بنتائج الرقابة.
كما تم التطرق إلى خلاصات العمل الرقابي للمحاكم المالية بقطاع التربية الوطنية التي كان من أهمها محور الحكامة والنظام المعلوماتي ومن بين نقط هذا الأخير، توضيح الاختصاصات بين الوزارة والأكاديميات والمديريات الإقليمية وقد سجل بخصوص تتبع توصيات المجلس الأعلى للحسابات في هذا المحور التي بلغ عددها واحد وأربعون(41) توصية، تم تنزيل سبع (7) توصيات وأربعة وعشرون (24) توصية في طور التنزيل وعشرة (10) غير منزلة. 
وفي هذا السياق يرى كثير من المتتبعين لشأن قطاع التربية الوطنية أن بعد "فضيحة" اختلالات البرنامج الاستعجالي 2009/2012، كان لازما إخضاع أجهزة الرقابة المالية ممتلكات مسؤولين مركزيين وجويين وإقليميين( كاتب عام، مفتش عام، مدير أكاديمية، مدير إقليمي، رؤساء أقسام ومصالح، مقتصدين بالمؤسسات التعليمية المتوفرة على الداخلية،....) للتدقيق، بعدما بدا على بعضهم ثراء فاحش، وأصبحوا يمتلكون عقارات وودائع في حسابات بنكية.
كما أن هناك  البعض من هؤلاء  الذي تمكن  في فترة قصيرة من الزمن بعد تحمله المسؤولية من تجميع ثروات وتملك عقارات  في "غفلة" من الأجهزة المعنية بالرقابة المالية، مع العلم  أن راتبهم الشهري بالإضافة إلى التعويضات"السخية" لا تمكنهم من العيش في المستوى الذي يلاحظ عليهم.
وأكدت المصادر  على ضرورة  تعميق البحث في طبيعة العلاقات التي تجمع مسؤولين مركزيين ببعض المسؤولين الجهويين والإقليميين، إذ لا يستبعد استغلال هذه العلاقات للحصول على امتيازات وصفقات في الظل.
وتضيف المصادر، أن رغم التأكيد  على التصريح بممتلكات أصحاب مناصب المسؤولية، يلجأ البعض من هؤلاء  إلى أقربائهم وذويهم من أجل تسجيل جزء من هذه الممتلكات في أسمائهم تفاديا للمساءلة والمحاسبة والمتابعة القضائية، وينشئون شركات باسم أبناءهم وإخوانهم وزوجاتهم درءا  لكل الشبهات.
و تقول المصادر، أن رقابة ممتلكات مسؤولي قطاع التربية الوطنية خاصة الذين تحوم حولهم الشكوك في تورطهم في هدر مليارات المخطط الاستعجالي لا يتطلب الشيء الكثير، وباتصال وتعاون مع إدارات وطنية ، مثل مكتب الصرف والمديرية العامة للضرائب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة،... سيتم تجميع كل المعطيات المتعلقة بممتلكات هؤلاء وأقربائهم الذين تحوم حولهم شبهات الإثراء غير المشروع، والتحقيق والبحث  في مصادر ممتلكاتهم ، ووضعيتهم المادية والمالية قبل تحملهم المسؤولية وبعدها، خاصة أن بعضهم اغتني إبان مدة جلوسه على كرسي المسؤولية.
من جانب آخر، تشير المصادر أن الاختصاصات بين الوزارة والأكاديميات والمديريات الإقليمية يسودها نوع من الضبابية والارتباك، وأن هناك تصور مغلوط لدى بعض المسؤولين المركزيين للوزارة حول تنزيل اللاتمركز الإداري، كما أنه يعرف تباطؤا في تنزيله، وأن نقل الاختصاصات الوظيفية والصلاحيات التقريرية إلى المستوى الجهوي مازال بين الأخذ والرد، خاصة لدى البعض الذي يرى في ذلك ضياع للتحكم ولفرض السلطوية.
 وأكدت المصادر، على غياب الشروع عمليا في تنزيل مضامين ميثاق اللاتمركز الإداري، وأن المصالح المركزية للوزارة  تعرف خلق وحدات إدارية إضافية خارج الإطار التنظيمي الرئيسي ويكلف على رأسها المحظوظون ويفوض لهم التوقيع على وثائق إدارية وتصرف لهم التعويضات، رغم نقل اختصاصات إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وأجهزة الرقابة المعنية لا تساءل ولا تحاسب.
وتعتبر المصادر، أن مثل هذه اللقاءات التواصلية يمكن تثمينها، إذا لم يغلب عليها السكوت والتجاهل للفاسدين من المسؤولين والمتلاعبين بالمسؤولية، وإذا ابتعد فيها كما هو حال دار "باب الرواح" عن الخطابات ذات المقاربة الفضفاضة للتستر على الفساد الذي يستشري في قطاع التربية الوطنية، والمصطلحات الرنانة التي تفقد معانيها ودلالاتها عندما تقترن بالإجراءات المتخذة و تطبيق القانون، يلمسها الجميع من المساعد التقني إلى الوزير على أرض الواقع، ويكون لها الأثر البالغ في نفوس نساء ورجال التعليم وآباء وأولياء التلاميذ، وترسم أفاق مستقبلية واعدة للتربية الوطنية. وأما أن تكون مجرد مناسبة لالتقاط الصور واستراحة شاي والاسترخاء والترفيه على النفوس فذلك هدر للوقت والمال العام ومضيعة الفرص.
محمد جمال بن عياد








تعليقات

المشاركات الشائعة